يبدو أن خريف أبيي الذي يمتد لثمانية أشهر مخلفاً الأوحال وصعوبة التواصل سيستمر العام كله هذه المرة، فقبيلة دينكا نقوك التي لم يستطع المرخون إيجاد هجرة قديمة لها إلي المنطقة كما قال بي بي هاول في كتابه "مذكرات عن دينكا نقوك بغرب كردفان" . (يصعب تحديد الوقت الذي بدأت فيه هجرة دينكا نقوك ويتعذر تقديم تاريخ دقيق لهذا الحدث) والتاريخ المرصود لهم هو تاريخ إداري يرجع الي عامي 1904 – 1905م كما جاء في تقرير استخبارات السودان رقم 128 بتاريخ مارس 1905م بأن السلطان (أروب) قرر سنة 1904م أن يتبع لمديرية كردفان وليس بحر الغزال. وهو تاريخ تبعيتهم الإدارية لا هجرتهم، مع ذلك يصرون علي قيام استفتاء من جانب واحد وغير رسمي يقوده أبنهم دينق ألور الذي دشن عملية تسجيل شعب نقوك بأنفسهم لاستفتاء أنفسهم حول تبعيتهم للسودان أو جنوبه، بينما يتمسك المسيرية الذي يرجع تاريخ هجرتهم الموثق إلي المنطقة للعام 1700م استناداً إلي مخطوطة الفكي النور موسي التي تحمل ذات التاريخ حيث قال عن المؤرخ هندرسون في كتابه "مذكرات هجرة المسيرية إلي جنوب غرب كردفان" (النور موسي هو أقدم شخص يؤرخ لهجرة المسيرية من مملكة وداي إلي وطنهم الجديد أبيي (يرون في هذه التحركات الأحادية ذات الصبغة القبلية استهدافاً مباشراً لكينونتهم قبل أن يكون نزاعاً بين دولتين. وإذا ما أخذنا في الحسبان جغرافية المنطقة التي تقع ضمن السافنا الغنية ذات معدلات الأمطار العالية والتربة الخصبة والمناخ الصالح لزراعة معظم النباتات، إضافة إلي ما تستبطنه أرضها من احتياطي نفطي وإذا استقرأنا التاريخ خاصة فترة الاستعمار الإنجليزي حيث قامت الإدارة البريطانية في أواخر الثلاثينيات بإجراء استفتاء لدينكا نقوك بزعامة (كوال أروب) وأعطته الخيار إذا كان يريد الانضمام إلي الجنوب أو الاستمرار في الشمال، وحشدت سلاطين الدينكا بعد أن عقدت معهم سلسلة من الاجتماعات السرية، وطلبت منهم إقناع (كوال أورب) بخيار الانضمام إلي بحر الغزال والتخلي عن الشمال. ثم تكررت المحاولات الفاشلة منهم لإقناع دينكا نقوك بالتخلي عن الشمال قبيل والانضمام للجنوب مع الإغراءات والامتيازات قبيل مؤتمر جوبا 1943م وتكررت مرات عديدة قبيل الاستقلال لكنها هزمت بميثاق الإخاء الذي كان قد وقعه جدهم كوال أروب مع المسيرية وجعلهم يتمسكون بالتعايش سوياً ويرفضون العروض البريطانية بل ويضربون مثلاً في التآخي والتصاهر بين السلطانين بابو نمر ودينق مجوك، كل ذلك يفضح المخططات الأجنبية حول أبيي. نقلا عن صحيفة الرأي العام السودانية 23/10/2013م