اختتمت القمة الخليجية التي انعقدت في الكويت اعمالها ظهر الاربعاء باصدار بيان ختامي رحب بالاتفاق الايراني النووي مع الدول الست العظمى، وادانة الابادة الجماعية في سورية، وطالب بسحب جميع القوات الاجنبية من اراضيها وسمى "حزب الله" اللبناني على وجه الخصوص، ولكن البيان الختامي لم يشر مطلقا الى القضية الخلافية الاساسية اي تحويل مجلس التعاون الى "اتحاد"، التي فجرت ازمة حادة بين المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان. كان لافتا غياب ثلاثة زعماء اساسيين عن قمة الكويت، الاول لاسباب مرضية، وهو العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، والثاني لزهده بالقمم العربية والخليجية وهو الشيخ خليفة بن زايد رئيس دولة الامارات، والثالث احتجاجا على صيغة مجلس التعاون وعدم جدواها، والاعتراض على تطويرها دون دراسة متعمقة الى اتحاد وهو السلطان قابوس بن سعيد. من المؤكد ان هذا الغياب اضعف القمة دون ان يخفي في الوقت نفسه الخلافات المتفاقمة، وعدم حل القضايا المعلقة مثل التعرفة الجمركية الموحدة، والعملة الخليجية الموحدة، وتباين المواقف السياسية حول قضايا محورية مثل الازمة في كل من مصر وسورية، وتناقض مواقف دول خليجية بشكل صارخ تجاههما. الدول الخليجية الفقيرة ماديا مثل سلطنة عمانوالبحرين تشعر ان الدول الاربع الغنية الاخرى تخلت عنهما، ولن تقف الى جانبهما في ازماتهما الحالية، فهي تنثر المليارات هنا وهناك دون اي التفات الى معاناتهما مع البطالة والعجوزات في الميزانية، والاكثر من ذلك عدم اعطاء الاولوية لشراء منتوجهما الوطني الزراعي والثروات السمكية وغيرها، حسب توصيف احد الخبراء في الشؤون الخليجية. في زيارة الى سلطنة عمان قبل عامين، سأل صحافي عربي السيد بن علوي وزير خارجية سلطنة عمان عن العشرة مليارات دولار التي خصصتها قمة الرياض الخليجية لدعم بلاده لتحصينها من ثورات الربيع العربي، حيث نزل الشباب الى الشوارع في مظاهرات احتجاجية للمطالبة بالاصلاحات وفرص العمل والقضاء على الفساد، فأجاب السيد بن علوي بعد "تنهيدة" تنطوي على معان عديدة: "انها موجودة.. وعندما نحتاجها سنأخذها". الصحافي كرر السؤال اكثر من مرة وقال له اين هي موجودة، هل وصلت الى خزينتكم، كرر الاجابة نفسها "انها موجودة" دون ان يقدم معلومات اضافية، لانه كان لا يريد فيما يبدو، ان يقول انها لم تصل على الاطلاق، وكانت وعودا للاستهلاك الاعلامي المحلي الخليجي فقط. دبلوماسي عماني قال ل"راي اليوم" اثناء توقفه في لندن، ان بلاده لا تريد منحا مالية من شقيقاتها، وانما معاملتها اسوة بدول غير خليجية، واستثمار فوائض اموالها وهي بمئات المليارات في مشاريع سياحية وصناعية وزراعية في السلطنة حيث فرص الربح كبيرة ونسب العوائد عالية جدا، الامر الذي سيعود بالفائدة على المستثمر والاقتصاد العماني معا، الاول يجني الارباح والثاني الوظائف للشباب العاطل. ولعل مشكلة البحرين الاقتصادية اقل الحاحا من نظيرتها العمانية، بفعل تدفق المساعدات المالية السعودية، وحل ازمة حقل "السعفة" النفطي المشترك بين البلدين، من خلال زيادة طاقته الانتاجية الى 400 الف برميل يوميا بما يؤدي الى زيادة نصيب البحرين من عوائده (بالمناصفة)، بعد ان كانت المملكة العربية السعودية تصر قبل عدة اعوام على ان لا يزيد الانتاج عن مئة الف برميل يوميا. الغضب السعودي من سلطنة عمان يعود الى تغريدها خارج السرب الخليجي، واقامة علاقات قوية مع ايران، ورفض الانجرار وراء اعمال التحريض ضد الاخيرة، والاهم من ذلك استضافة مفاوضات سرية في مسقط بين مفاوضين امريكيين وايرانيين ودون ابلاغ الشقيقة الكبرى. ترحيب البيان الختامي للقمة الخليجية بالتوجهات الجديدة للقيادة الايرانية، والاتفاق النووي مع الدول الست العظمى قد يخفف من هذا الغضب، ولكن ما يمكن الاشارة اليه هو ان شرخا كبيرا في جدار مجلس التعاون الخليجي بدا واضحا للعيان، ويبدو من الصعب ترميمه في نظر الكثيرين، خاصة بعد خروج الحملات الاعلامية في وسائل اعلام الجانبين، والسعودية بشكل خاص، عن الكثير من الخطوط الحمراء، فالهجوم على دولة خليجية، وعدم المبالاة تجاه وجودها في مجلس التعاون كان من المحرمات الاعلامية الخليجية. امير الكويت الشيخ صباح الاحمد الذي نجحت وساطته في تطويق الازمة السعودية القطرية قد يجد نفسه مشغولا في الايام والاسابيع المقبلة في كيفية تطويق او تبريد الازمة العمانية السعودية التي لا تقل خطورة، ومن المؤكد ان مهمته قد تكون اصعب هذه المرة. المصدر: رأي اليوم الالكترونية 12/12/2013م