لم تفعل الخرطوم مع جوبا ما فعلته مع مصر حين تفجرت الأحداث عقب انقلاب السيسي علي مرسي والذي تجنبت فيه الخرطوم ا ي خوض وجدل فكان الموقف الرسمي المعلن الاكتفاء بأن ما يحدث في مصر بالنسبة للسودان هو شأن داخلي ..( فل استوب).. ولكن جوبا تختلف.. وقبل ابتعاد شمس الصباح المتفجر أمس عن زاوية شروقها حين بلغ الخبر بأن حكومة سلفاكير تواجه هجمة انقلابية مرتدة عليه كانت متوقعة منذ فترة اجري الرئيس البشير اتصالاً هاتفياً مع الفريق سلفاكير ميارديت رئيس دولة جنوب السودان اطمأن خلاله علي الأوضاع الأمنية.. الخرطوم وبهذا الاتصال تودع موقفاً واضحاً يساند استقرار نظام سلفاكير وهو بالقياس العام يعد موقفاً عملياً جديداً يعبر عن يقين الخرطوم برهانها الكبير علي استقرار نظام سلفاكير بعد تصفيته أهم كبار قادة الحركة الشعبية من نوابه ومساعديه.. الموقف كان واضحا ومقصوداً بمعناه وبرسالته السياسية والإستراتيجية وبرغم انه موقف صعب وحساباته معقدة لكن الخرطوم حسمت أمرها باكراً وقررت مغادرة مربع الحياد وتعاملت مع أزمة سلفاكير في جوبا بأسلوب مختلف تماماً عن تعاملها مع مرسي في القاهرة لأنه لو كان السودان موجوداً اخل كل ملفات الآمن القومي المصري فإن جوبا هي العاصمة الوحيدة الموجودة داخل كل ملفات الأمن القومي في السودان.. من الواضح ان الخرطوم باتت مطمئنة لعلاقتها مع نظام سلفاكير ولها حلولها التي تعرفها حال تصاعد الظن والاشتباه في تجدد واستمرار دعم وإيواء سلفاكير للحركات الدارفورية والجبهة الثورية.. ومن الواضحى ان تعامل الخرطوم مع كاتيوشا كادقلي التي تطلقها مليشيات الجبهة الثورية هذه الأيام لم يعد محسوباً بتلبك الحساسية القديمة حين كانت الجبهة الثورية تطلق رصاصة عدائية فيكون رد الفعل الرسمي متجاوزاً الشك باليقين ان حكومة سلفاكير هي التي تعبء خزانات الوقود.. وخزانة الرصاص. والآن من الواضح والمفترض ان تكون الخرطوم لها( درباتها) وتصرفها بعيداً عن الشكوي والاستنكار لو تكرر عليها الاذي من نظام سلفاكير بعد كل هذه المواقف الكبيرة لان هذا الموقف الرسمي السوداني المبكر في مؤازرة سلفاكير يعتبر موقفاً ابعد من مستوي المطلوب الروتيني المفترض بين دولتين ليس بينهما عداء حالياً ولكن وفي نفس الوقت ليس بينهما تحالفاً امنيا أو عسكرياً واستراتيجياً ساري المفعول فكل اتفاقيات التعاون الأخيرة بين السودان وجنوب السودان تطمح علي الأقل الآن الي مستوي وقف مظاهر العداء والتعاون في ملفات المصالح المشتركة وهناك فرق بين وقف العدائيات وبين التحالفات او الاتفاقيات الأمنية المتقدمة أكثر واليت تسمح بدرجات ومستويات أخري ابعد من مجرد تفقد الأحوال والاطمئنان المتبادل بين البلدين. ليس مسموحاً لسلفاكير أخلاقياً بعد هذه المواقف ان تعاوده نوبة حماقة بتغذية التمرد العسكري ومليشيات الجبهة الثورية العنصرية في السودان.. يفهمها ويعقلها هذه الرسالة جيداً من المفترض.. كما ان الوضع النموذجي حقاً الذي يجب التفكير فيه بشكل استراتيجي هو الانتقال في العلاقة الأمنية بين البلدين من مرحلة التعاون الي مرحلة الدفاع المشترك.. ولم لا ..؟!! نقلا عن صحيفة اليوم التالي19/12/2013