بعد اعتقال قيادات دينكا نقوك من قبل حكومة جنوب السودان على خلفية المحاولة الانقلابية الأخيرة هناك، ظل مستقبل أبيي يشغل أبناء المنطقة في إبعاد ما يسمونهم بمعوقي المساعي لحلحلة القضية، التي ظلت تؤرق المجتمع المحلي والدولي معاً، فأصبح بعض المراقبين للأوضاع هناك يشيرون إلى أن اعتقال تلك القيادات قد يؤدي إلى استقرار نسبي في المنطقة التي ظلت تعاني ويلات الاحتراب والاقتتال بين مكونات مجتمعها من المسيرية والدينكا. ويري محمد أحمد بابو نواي الخبير في شؤون مناطق التماس، في حديث ل(التغيير) أن القيادات السياسية التي اعتقلت في جنوب السودان كانت وظلت واحدة من الإشكاليات الحقيقية في أبيي، لأنها دائماً ما تحور القضية من قضية مجتمع محلي إلى سياسية، وتعتبر أن تحركات الدينكا المختلفة في المنطقة هي انتصار سياسي للحركة الشعبية والجنوب. واعتبر نواي ان ذهاب أو خروج المجموعة من ملف أبيي يساعد في وصول المجتمع المحلي هناك إلى حلول أسهل في ظل غياب المعقدة للقضية. وأشار إلى أن هذه المجموعة ظلت طيلة الفترة منذ اتفاقية نيفاشا حجر عثرة في طريق تنفيذ الاتفاقيات التي تبرم بين المسيرة والدينكا. ودعا بابو الأطراف إلى الجلوس إلى طاولة الحوار والوصول إلى تسوية سياسية أو تقسيم المنطقة أو تداول السلطة بصورة دورية بين المسيرية والدينكا من فترة إلى أخرى. وأوضح أن من الأفضل التعجيل بالتسوية السياسية في الملف، باعتبار أن تأخير الحوار حوله يعني تعقيد الأزمة في المستقبل القريب أو البعيد، وطالب حكومة جنوب السودان بالنظر إلى تسوية القضايا العالقة مع حكومة الخرطوم لكي يساهم الأمر في استقرار المنطقة عامة بين البلدين. ولم يختلف رأي "محمد عبد الله ود أبوك" أحد قيادات المسيرية، حيث قال للصحافة إن المجموعة التي اعتقلت من قبل حكومة جنوب السودان كانت تسعي إلى توتير العلاقات القائمة بين الخرطوم وجوبا، وأضاف أنهم ينظرون إلى كل الأوضاع في الجنوب بزاوية أبيي، وهذا ما يتعارض مع عقلانية رجال الدولة. واعتبر ود أبوك أن ما يجري في الجنوب أمر مؤسف، خاصة وان منطقة المسيرية والدينكا هي المتضررة، وأشار إلى أن توسع دائرة المواجهات ورقعة الحرب سيؤدي إلى نزوح، وزاد أن العاقل يتمني إن تنطوي صفحة الصراع بالجنوب بسلام. وأوضح محمد عبد الله أن هنالك خطأ عقلانياً داخل دولة جنوب السودان يسعي إلى تطبيع العلاقات بين الشمال والجنوب، واعتبر أنه يدرك حقائق الأمور والتعقيدات التي تواجه الدولة هناك، ولكنه رجع وقال إن هنالك تياراً آخر متطرفاً ظل وراء كل الفتن في المنطقة ضارباً مثلاً برياك مشار، رغم ذلك رأي ود أبوك أن أبيي لن تتأثر بما يجري في جنوب السودان، واعتبر أن اعتقالهم هو رسالة لدنيق ألور ومن معه لعدم إشاعة الفتن التي كانوا ينشرونها ويعرقلون أي اتفاق برفقة أطراف دولية تسعي إلى تصعيد القضية وتأليب الرأي العام الجنوبي تجاه سلفاكير ميارديت وحكومته، معتبراً أن ما يحدث في أبيي هو نتيجة لأخطاء هذه المجموعة. اما اللواء عبد الرحمن أرباب محافظ أبيي السابق الذي خالفهم في الرأي قال ل"التغيير" إن الاستفتاء الأحادي الذي قامت به مجموعة من قيادات الدينكا كانت لديه مشكلة إشكالية مع سلفاكير مما جعلها تلجأ إلى تنفيذ أجندتها داخل أبيي، واعتبر أن اعتقالهم سيؤثر سلباً على مستقبل المنطقة، حيث سيخفض الروح المعنوية لأبناء دينكا نقوك نسبة لاعتقال قياداتهم التي كانت تحرك الأوضاع السياسية في المنطقة، ولكن أرباب رجع وأشار إلى أن هذه الأحداث قد تهدئ من وتيرة حماس الدينكا تجاه القضية، ويؤجل الحوار في الوقت الراهن، واعتبر أن الأمر إيجابي بالنسبة لحكومة السودان وسلبي بالنسبة لأبناء الدينكا. وتوقع عدم تصعيد قيادات الدينكا الموجودة في المنطقة للقضية انتظاراً لهدوء الأوضاع ف ي جنوب السودان التي تعتبر قضية أبيي قضية محورية وجوهرية. يبدو أن الخبراء يرون أن أعتقال تلك القيادات يبشر بخير، ويعجل من تسريع الخطي لتسوية قضية أبيي، وربما أن اضطراب الأوضاع في جنوب السودان سيقود حكومتها للسعي للانتهاء من الأزمة وإيجاد الحلول المناسبة في أسرع فرصة لتامين حدودها مع السودان، واستقرار الأوضاع في مناطق التماس كافة التي تعاني من اضطراب أمني مزمن. نقلاً عن صحيفة التغيير 23/12/2013م