خارطة الطريق إلي الانتخابات العامة القادمة التي أعلنها الرئيس البشير من القضارف، لم تترك أي ثغرة بها لأي حزب لمقاطعتها أو أي اتهام بتزويرها كما حدث خلال وبعد الانتخابات التي انعقدت في الماضي، وذلك بأن يجري التصويت وفرز الأصوات في يوم واحد، وأن لا يتم ترحيل أي صندوق من مكانه، كما أعلن البشير موافقة حزبه علي إعادة صياغة قانون الانتخابات بالتوافق مع كل الأحزاب، والتواضع معها لإعادة ترتيب مفوضية الانتخابات وقانون الأحزاب، ويدخل في هذا قطعاً جغرافية الدوائر والنظام النسبي للأصوات بما يمكن غالبية الأحزاب من صول نوابها إلي البرلمان، كما رفض الرئيس بصورة حاسمة ما صدر عن أمريكا بتأجيل الانتخابات عامين، وذلك دون تفاصيل لأن الولاياتالأمريكية لم تقدم أي مبررات لهذا التأجيل. كما توقف المراقبون طويلاً أمام قرار البشير بأنه لن تكون هناك بعد الآن "مجاملات" لإشراك آخرين في الحكومة إذا فاز بها المؤتمر الوطني، ما لم يؤهلهم حصادهم في الانتخابات لذلك، ولغة "مجاملات" هي تعبير رفيع لما اصطلح الناس عليه، وهي "أحزاب الفكه" و"الترلات" و"الجهويات" و"شتات الأحزاب" وهي في الحقيقة "أحزاب مجهرية" لا تكاد تبين عدد عضويتها بالعين المجردة، وبعضها لا تزيد قاعدتها عن مقاعد حافلة، ومع ذلك صالت هذه الأحزاب وجالت في الساحة السياسية في جميع القضايا وذلك بإثارة الغبار لتمرير سياسات الحكومة التي كادت توردها الهلاك لولا التغيير الأخير. أعتقد أن خارطة الانتخابات التي أعلنها رئيس المؤتمر الوطني وإعلانه تخلي حزبه عن "المجاملات" في تشكيل الحكومة القادمة، لم يتركا للمعارضة أي مساحة لعدم المشاركة في تلك الانتخابات، كما أن الالتزام بأن يكون تشكيل الحكومة بقدر أوزان الأحزاب في الانتخابات، يشير بكل وضوح إلي أن الأحزاب المنشقة عن أصولها لم يعد أمامها غير العودة إلي تلك الجذور، ولكن هذا يتطلب عهداً من المؤتمر الوطني بعدم التحالف في الانتخابات مع أي حزب منشق، وهذا لا يحرمه التحالف مع أصول الأحزاب وهو أيضاً حق مكفول لأحزاب المعارضة. لا شك أن تلك الخارطة والقرار بشأن "الأحزاب" المجهرية جاء في مصلحة المعارضة، ووفر عليها الكثير من العنت الذي كان سيعيها وهي تتحسس الطريق إلي انتخابات نزيهة وحتي لا تثور شكوك أخري نطالب بأن تكون صناديق الاقتراع من زجاج أو مادة شفافة يشاهد مناديب المرشحين والمراقبين داخلها، وهو ما يحدث في دول الديمقراطيات العريقة، وبهذا نكون أول دولة عربية وأفريقية يتم انتخاباتها أمام العالم بكل شفافية. كثيراً ما سمعنا من المعارضة وخاصة أحزابها الكبيرة والتاريخية أن الحكومة إذا تقدمت نحونا خطوة سنتقدم نحوها خطوتين، وهذا أيضاً ما كانت تقوله دوائر فاعلة في حزب المؤتمر الحاكم، وها هو الحزب يتقدم خطوتين، ولم تبعد خطوة واحدة هي "الدستور" فلماذا لا تخطوها المعارضة وبها نضع أقدامنا علي طريق استقرار هذا الوطني. نقلا عن صحيفة الرأي العام السودانية 29/12/2013م