في الأيام الماضية صدرت وثيقة لها أهميتها في العمل السياسي في السودان، لقد استطاع المؤتمر الوطني قراءة الخريطة السياسية قراءة صحيحة، فالإنقاذ بعد عقدين من الزمان كان لابد لها من تغيير شكل وممارسة الحكم. لابد من خفوت النبرة الثورية والجنوح نحو العقلانية، فقد جاء البشير إلي قاعة الصداقة بالخرطوم بملابس السياسيين الفضفاضة وهذه هي المرة الأولي بعد المفاصلة التي يقف فيها الترابي والصادق والميرغني مع البشير. السؤال هنا هل يمكن أن يتخيل أحد ظهور الترابي في منابر الحوار الذي تنادي به الوثيقة؟ أقول وبكل ثقة يمكن أن يحدث، فلو دخل في المفاوضات القادمة فسوف يعطيها نكهة خاصة ويشد اهتمام العالم بها. وأنا شخصياً متفائل جداً بهذه الخطوة التي وجدت ترحيباً لا مثيل له من قبل الشعب، فكأنما البشير قد سلم الحكم إلي الشعب في تلك الليلة.. ويبدو أن الأحزاب السياسية علي استعداد لدعم هذه الخطوة لمرحلة جديدة أكثر وعداً. دعنا نفترض أن التغيير حدث بانقلاب عسكرياً أو مدني، هل ستجد نفس قبول المنافسة الانتخابية الحرة والنزيهة؟ وفي تقديري الخاص لن يجد القبول لأن الوجوه التي تطرح نفسها كبديل للنظام القائم، عليها مآخذ مثل ما علي السياسيين الحاكمين.. ومن طبيعة الأنظمة الثورية لابد أن يكون لها حرس قديم يصر علي التغيير عند لحظة معينة لدواعي إصلاحية أو مطالبة شعبية وأحياناً يتعرض التغيير لكثير من الأصوات الرافضة كما حدث في التغيرات الكبيرة التي حدثت في النظام الحاكم ولكن المؤتمر الوطني أصر عليها وجاءت الوثيقة الإصلاحية كدليل قوي علي أن عجلة الإصلاح التي يقودها الرئيس البشير تسير بخطوات ثابتة، رغم التضحيات الكبيرة، إذ كلفت الوثيقة مبدأ التنافس بصورة تؤدي في المدى القريب إلي التداول السلمي للسلطة. ولعل هذا التحول يجعل فرص الحرس القديم كبيرة في إدارة دفة الحكم في البلاد إذا كان جاداً في التعامل مع بنود الوثيقة علي أرض الواقع. وعن (حديث الساعة) سنحكي بإذن الله تعالي. نقلا عن صحيفة السوداني 30/1/2014م