عندما هرب اللواء كاربينو كوانين من سجون قرنق وعاد الي السودان وبعد توقيع اتفاقية الخرطوم للسلام تحرك كاربينو الي بعض مناطقه ببحر الغزال وعند وصوله بدأت معركة حول منطقة صغيرة كانت تحتلها قوات قرنق. المعركة كانت ليلية ومع ساعات الصباح الأولي استولت قوات كاربينو علي القرية ومع نسمات الفجر هبطت طائرة تتبع لمنظمة دولية وبتصريح علي انها تحمل مساعدات إنسانية وفوجئت بأن المنطقة التي هبطت فيها تغيرت أحوالها وتبدلت وسقطت في يد فصيل حركة تحرير السودان قطاع بحر الغزال بعد أن كانت تتبع لحركة تحرير السودان الفصيل الرئيس بقيادة قرنق. قوات كاربينو فوجئت بأن الطائرة تحمل أسلحة وجنوداً يتبعون لقرنق بدلا عن المساعدات الإنسانية وكان يقود الطائرة مواطن لدولة غربية كبري ويساعده كابتن يحمل جنسية دولة مجاورة. وجرت مفاوضات كسبت فيها ومنها كاربينو أموالاً ومعدات وطلمبات كهرباء في مقابل إطلاق سراح الأسري والطائرة ، والأمثلة الحية كثيرة علي تدخل المنظمات الدولية والإنسانية في الحروبات. بيد أن مواجهة مثل هذا التدخل يحتاج الي حرص و ترتيب كبيرين وليس مقبولاً اتخاذ موقف جذري مع منظمة في حجم الصليب الأحمر أو دفعها باتجاه ان توقف عملها في السودان فجأة. هذه المنظمة الكبيرة تحظي بدعم دولي كبير من شأنه أن يلقي عبئاً كبيراً يبرر وقفها او تنظيم عملها مهم كانت المبررات. مشكلة الحكومة السودانية أنها في أحيان كثيرة تتعامل مع جهات بوزن كبير بصورة تحتاج لمعالجة وترتيب وتنظيم. قضية الجنائية الدولية علي سبيل المثال كان مسارها الأفضل التنسيق فيها مع دول كبري حليفة مثل روسيا و الصين وهذا اتجاه مضت فيه سوريا واستفادت منه كثيراً. الحكومة منعت وطردت من قبل العديد من المنظمات وألحقت القرار بقرارات وسياسات وإجراءات وتوجهات لدعم المنظمات الوطنية لتحل محل الأجنبية وخاصة الغربية التي تضر أكثر مما تنفع. أهملت الحكومة كالمعتاد ذلكم القرار الي أن جاء اليوم الذي وقفت فيه في وجه الصليب الأحمر وبصورة مفاجئة يمكن أن تضعف موقف الحكومة مهما كان قوياً وسليماً. القرارات الكبيرة في شأن الجهات الدولية الكبيرة له تبعات كبيرة أيضا. لا نعرف العمل الطويل المرتب الدقيق ولا نصبر عليه للأسف. نقلا عن صحيفة الرأي العام 4/2/2014