تابعت باهتمام بالغ الزيارة التي قام بها مؤخراً الأستاذ علي أحمد كرتي لأرض الكنانة بدعوة كريمة من رصيفه المصري نبيل فهمي، وكان مصدر سعادتي أن الجانبين اتفقا وفي وقت يعد قصيراً بعامل الزمن على فتح صفحة جديدة، في العلاقات وإزالة ما شابها من فتور وفتح المعابر بين البلدين وإيصال الطرق البرية. * وفي بساطة شديدة بعيداً عن الشحن والاحتقان الذي يقوم به البعض هنا وهناك.. أسدل الستار على جفوة مفتعلة كان من الممكن أن يكون لها آثارها السلبية ولو لفترة محددة لتحقق الزيارة أعلي سقف لها وصولاً لهدفها الإستراتيجي الذي أعلن عنه وزير خارجيتنا الموهوب علي كرتي قائلاً: ان الهدف من الزيارة هو محاولة إزالة كل ما يشوب العلاقة بين البلدين والتأكيد على ما هو قائم .. ألخ. * ويضيف الوزير كرتي: جئنا بقلب مفتوح لإزالة ما يكون قد نشأ خلال الفترة الماضية فنحن أبنا اليوم ونريد فتح صفحة جديدة في العلاقة مع مصر. * وهكذا يتضح أن الأمر كان يحتاج لتأمينات وتطمين للقيادة في البلدين الشقيقين لتعود الحياة إلى طبيعتها في الإخاء والتوادد خدمة للمصالح خدمة للمصالح المشتركة ومواجهة التحديات التي تستهدف البلدين والتي تأتي في مقدمتها سد النهضة الأثيوبي بحيث يخضع الأمر إلى دراسة متأنية ومستفيضة نقف من خلالها على حقيقة ما يشاع من أضرار والزعم أن قيام سد النهضة الأثيوبي سيحدثها. * وهناك أيضاً العديد من القضايا الأساسية التي لا تقف عند فتح المعابر وحدها وإنما يتطلب الأمر مراجعتها مثل قضية الحريات الأربعة التي حدث فيها نوع من التسويف في التنفيذ العملي ومسألة الاستثمارات خاصة الزراعة منها، فكما يقول الأخ د. الخضر والي الولاية الشمالية: إن هناك عشرات الآلاف من ألأراض المستصلحة التي أتفق عليها مع مصر ولم يتم الاستفادة منها وهو ما يتطلب خطوة جادة ونافذة للانطلاق بالعلاقة الأزلية إلى ما عرفت به طوال عقود من الزمن الطيب. * ان الإعلام في البلدين الشقيقين تقع عليه مسؤولية خاصة في ظل الظروف الراهنة التي يواجهها كل من السودان ومصر والحاجة الماسة إلى التعاون والتنسيق المستمر بين البلدين، وهو أمر لا تجدي معه إثارة القضايا الخلافية بقدر ما يتطلب المزيد من العامل الجاد وإعادة الثقة والتحرك بشفافية ومسؤولية تامة. * إن ما يمكن أن تحققه – على سبيل المثال – افتتاح الطرق البرية والمنافذ من جدوى اقتصادية تعود مباشرة للمواطن في البلدين لا يحتاج إلى توضيح إذ يكفي فقط مقارنة سعر نقل اللحوم عن طريق البر بدلاً مما هو عليه الآن من نقل جوي ليتم عائده للمواطن البسيط في شكل وفرة وقلة في التكلفة، وهناك أيضاً العديد من السلع التي لا يمكن حصرها في هذه العجالة وهو ما وصفه الوزير علي كرتي من ان انسياب حركة التجارة سيفتح الكثير من المنافع لمواطني البلدين ويفتح سبلاً جديدة للتعاون. * لقد حققت الزيارة – القصيرة – التي قام بها وزير الخارجية لمصر الكثير من الفوائد التي يمكن القول معها بأنها شكلت عبوراً حقيقياً إلى آفاق أرحب بعد أن سقطت معها ما يمكن أن نطلق عليه "بالجفوة المفتعلة"، ليبقي علينا أن ننتظر حراكاً مشتركاً للبلدين على كافة الساحة العربية والأفريقية بل والدولية، وإذا كان للسودان علاقته المتميزة على امتداد القارة الأفريقية، فإن مصر تستطيع إن تقدم الكثير للسودان على الساحة العربية والدولية وهو أمر يمكن تحقيقه في سهولة ويسر وبصورة واضحة ومفتوحة يسهل تحقيقها ومتابعتها. نقلاً عن صحيفة الخرطوم/ 2014/3/5م