الأحد القادم يتجه الشعب السوداني إلى صناديق الاقتراع في أهم مرحلة للانتخابات القومية التي تشترك فيها الأحزاب الوطنية المؤمنة بالديمقراطية وعلى مدى ثلاث أيام تستمر عملية الاقتراع في المراكز التي انتشرت بشمال وجنوب وغرب وشرق السودان. ومنذ الثاني عشر من فبراير الماضي تم قفل مرحلة الترشيح على كل المستويات الرئاسية والدوائر القومية والولائية ومجلس النواب ونسبة الأحزاب والمرأة لتبدأ المرحلة الإعلامية للمرشحين وفق برنامج وضعته اللجنة الإعلامية ووفقاً لما تم في مرحلة الترشيح فلا يمكن إلغاء ترشيح أي مرشح لأن ذلك ارتبط بخطوات قانونية ثابتة. في الأيام الماضية برز تكتل أحزاب جوبا المعارض على السطح يرمي إلى عكننة الأجواء السياسية بعد أن ثبت تماماً له أنه لا محال راسب في الامتحان الديمقراطي.. فنجد أحزاب جوبا على (قلتها) فضحت أمرها أمام الرأي السوداني والعالمي.. لم تقف أحزاب جوبا أي موقف إيجابي يحسب لها بل سعت إلى (ضبابية) الموقف هي ضد الانتخابات لحسابات تحسبها هي دون مبرر فقط لتعارض ومع مرور الأيام انسلخت (الحركة الشعبية) شريك نيفاشا الذي كان يلعب دور المعارضة والحكومة حتى جاءت لحظة (الوعي) فأوقفت مرشحها ياسر عرمان وقطعت لسانه وعادت إلى المناخ الديمقراطي إلى درجة ما كذلك هناك (المؤتمر الشعبي) الذي أعلن أنه ضد أحزاب جوبا وسيخوض الانتخابات. بل مضى رئيس الشعبي د. الترابي لأن يسخر من أحزاب المعارضة باعتبار أن (الزمن مضى ولا مجال للانسحاب). أحزاب جوبا التي تعد على أصابع اليد الواحدة إلى جانب بعض أحزاب اليسار الصغيرة التي تتلفح بثوب حزب الأمة (المنقسم باستمرار) بزعامة الصادق المهدي الذي يتحرق شوقاً ليدخل (القصر) هذه الأحزاب فقدت مصداقيتها أمام ناخبيها فكل صباح قرار بالانسحاب أو المشاركة في الانتخابات. الشروط التي تضعها أحزاب جوبا خاصة (حزب الأمة) لا يمكن الاستجابة لها فأولاً المفوضية القومية للانتخابات هي المسؤولة عن تواريخ الانتخابات وبالتالي لا يمكن قبول سحب أي مرشح.. وثانياً لماذا يحدد حزب الأمة شهر نوفمبر للانتخابات.؟ هل يسعى إلى طرح مقترحه المسمى (بحكومة قومية) وغير ذلك من (هلاويس) من كان نائماً وتم إيقاظه من (حلم وردي). أكثر من ثلاثين حزباً إلى جانب المؤتمر الوطني تقدمت بترشيح المشير عمر البشير لرئاسة الجمهورية هي أحزاب سودانية وطنية وضعت يدها بالكامل مع المؤتمر الوطني ليمضي البشير في طريق الرئاسة ومهدت له الطريق ولعل الزحف الجماهيري الذي انطلق من القرى والبوادي والمدن قد زرع الخوف في قادة أحزاب تجمع جوبا و(لخبط) حساباتهم فالمشير البشير الذي لم يترك مدينة أو قرية حتى الآن إلا وزارها أو لقاءات نوعية منها الطرق الصوفية وغيرها.. الذين تقاطروا وتسابقوا..إلى ساحة اللقاء.. كل ذلك أكد دقة الحملات الإعلامية للمرشح لرئاسة الجمهورية الذي أشرفت عليه لجنة عليا يرأسها المشير عبد الرحمن سوار الذهب وتتنزل إلى كل الولايات. وجعل أحزاب المعارضة في حالة (رجفة) وعيونها (زائفة). هي تلك الأحزاب التي أخذت لتسعى إلى دول الغرب وأمريكا وتتهم المؤتمر الوطني بأنه (إسرائيلي) حين ردت أمريكا أنها مع الانتخابات في مواعيدها دون تأجيل ثم راحت الأحزاب الهالكة تهدد بأنها (إن هي فازت في الانتخابات) لتسلم المشير البشير إلى المحكمة (الجنائية) ليقول الرئيس البشير لهذه الأحزاب.. (إذا فزتم أفرمونا فرم) وهذا كلام الواثق بجماهير السودان وأمامه بحر ممتد السيل الذي سيقلع كل من تحدثه نفسه أن يقف ضده.. وحزب الأمة الذي أخذ زعيمه الصادق في جولة في سوق أم درمان لم يستمع لغير (سير سير يا البشير) قال قبل (48) ساعة من فجر الإنقاذ في 28 يونيو 1989م قال (إذا فشلت فلن تطاردني اللعنات).. وربما لم يحسب ما جرى في السوق واحدة من اللعنات.. لذلك يسعى لعبة (أرنب نط) أو الاتجاه إلى (جر الحبل) ولا يملك لذلك حيلة غير التصريحات والبيانات المدبجة ب(أولاً وثانياً وهلمجرا).. دون أن تعرف منه ماذا يريد هل سيخوض المعركة أم سيركن نفسه في ركن قصي.. وحسب آخر (فقاقيع حزب الأمة) أنه سيخوض الانتخابات بشروطه التي قال الحزب إن آخر موعد لها هو الثلاثاء القادم بعد غد فيما تؤكد مفوضية الانتخابات أن الترشيحات مضت واقترب الاقتراع ولا مجال للانسحاب. إذن نجد موقف المعارضة غير مؤهل لخوض عملية الاقتراع لأن هذه الأحزاب كانت في حالة من (الغفو) ما بين الصاحي والنائم ولم تسمع بأن اتفاقية السلام في نيفاشا أقرت هذه الانتخابات وفي هذا العام. الأمة بانشطاراته السياسية في الرأي.. والشيوعي الذي أصابه الهرم وبقية (شلة اليسار) التي ابتعدت عن المناخ الديمقراطي وتبين ذلك في برامجها الانتخابية التي ركزت فيها على النقد الجارح دون أن تطرح برامج.. فكيف لها أن تفعل وهي تبحث عن (موقف يخرجها من (ورطة الانسحاب).. أحمد أبو بكر القيادي بالاتحادي الديمقراطي الأصل أعلن استمرار الحزب في الانتخابات لكنه (سحب) مرشحه عن الرئاسة.. الذي يبدو أنه سيترك الأمر إلى الثلاثاء بين الاستمرار أو الانسحاب في حين تشمر كل الدوائر القومية والولائية وغيرها والاتحادي الأصل هو الآخر خرج عن الثوب المرقع في جوبا ورغم أن راعي ورئيس الحزب محمد عثمان الميرغني عاد للسودان بعد سنوات طويلة تم تتويجها باتفاقية القاهرة إلا أن المعاناة في جسد الحزب ما زالت قائمة وجروح ما زالت تنزف.. وكان من المؤمل أن تكون اتفاقية القاهرة خير طريق للحزب باعتبار أن الحكومة قد مهدت الطريق السياسي للاتحادي ليشارك بنسبة محترمة وهو ما يسعى إليه الميرغني أن يحي اتفاق القاهرة خاصة بعد أن مات التجمع الوطني (سريرياً) بقي للاتحادي أن يخوض الانتخابات ليثبت أن (الحزب المقبول وطنياً أواسط الجماهير رغم أنه يحسب معارضا للعملية السياسية كلها). إذن الأحزاب الوطنية المؤيدة لمرشح المؤتمر الوطني للرئاسة هي الغالبة. وعلى هذا فإن اتفاقاً قضى بأن يتنازل المؤتمر عن أي دائرة فيها مرشح من أي من الأحزاب الوطنية المعروفة تاريخياً وحديثاً ببرامجها التي انضم إليها الناس باعتبارها أكثر التصاقاً بقضاياهم. والأمر الثاني المجتمع الدولي وعلى رأسه أمريكا ترفض تأجيل الانتخابات أو ما تسعى إليه أحزاب جوبا وهي الأخرى منقسمة على نفسها حتى على كل حزب انقسمت في انتظار الأحداث. ثم الأحد القادم هو بداية اليوم الفاصل يوم تبدأ عملية الاقتراع.. والفائز هو من كان برنامجه وطنياً انحاز جانب الجماهير.. وحتماً فائزون منتصرون نحن الوطنيون.. هكذا تنطلق الأصوات بالهدير.. نقلاً عن صحيفة الرائد 4/4/2010م