لم أدهش البتة للبيان الذي أصدرته الجبهة الثورية حلو الحوار الوطني فقد جاء البيان معبراً تماماً عن شخصية عرمان التي خبرناها منذ أن دخل المسرح السياسي السوداني، وبالرغم من أن البيان صدر باسم الجبهة الثورية فإني أكاد أجزم أنه صادر عن قطاع الشمال لوحده ولم تشارك أطراف الجبهة الثورية الأخرى المتمثلة في حركات دارفور المسلحة والتي منح قادتها جميعاً منصب نائب الرئيس. علي أن اللافت للنظر أن موقف الجبهة الثورية أو قل قطاع الشمال الذي يتزعم الجبهة الثورية لا يختلف عن موقف الحزب الشيوعي السوداني وهل يختلف الشيوعيان عرمان والحلو عن الحزب الشيوعي وهما اللذان نهلا من نفس الفكر الشيطاني الذي ظل يعوق مسيرة السودان السياسية منذ الاستقلال؟. دعونا نتناسى حقيقة الحزب الشيوعي الذي مرد طول عمره علي معارضة كل شئ ونفكر بصوت عال لنسأل: ما هي مصلحة الحزب الشيوعي في الحوار ومآلاته؟ إذا كان الحوار سيقضي إلي تهيئة المناخ لقيام انتخابات حرة ونزيهة فما هي مصلحة الحزب الشيوعي في قيام انتخابات يعلم يقيناً أنه لن يحصد منها حتي الهشيم؟! هل يحرص الحزب الشيوعي السوداني أو قل هل مارست الشيوعية في كل البلاد التي حكمتها الديمقراطية كنظام حكم. الإجالة عن هذه الأسئلة يمكن أن تساعد في معرفة حقيقة الموقف الشيوعي فقد كان تاريخ الشيوعية ملطخاً بالدماء والأشلاء والكبت الذي رأيناه في العهد الأول لحكم الرئيس نميري من لدن أحداث الجزيرة أبا وود نوباوي ومجزرة قصر الضيافة كنا رأينا نحن طلاب جامعة الخرطوم في أول السبعينات من القرن الماضي ما فعلوه في الجامعة وحفظ الشعب أغنية وردي..(هتف الشعب من الأعماق التطهير وأجب وطني) بعد أن روعوا الخدمة المدنية وشهد الاقتصاد السوداني نكبة التأميم التي كانت بمثابة الضربة الأولي للاقتصاد الوطني. حتي إذا قفزنا وتجاوزنا تلك الأحداث المأساوية وقلنا إن الحزب الشيوعي أيام تبعيته للاتحاد السوفيتي ليس الحزب الشيوعي الحالي المرتمي في أحضان أمريكا نستطيع أن نتبين رأيه في الديمقراطية من خلال موقفه المؤيد للانقلاب العسكري في مصر والمعارض لحكم الرئيس مرسي بالرغم من أنه جاء عبر انتخابات شهد العالم علي صحتها. إذن فإن الحزب الشيوعي وأتباعه من قوي اليسار بل من شيوعيي قطاع الشمال وأخص عرمان والحلو ومن الجبهة الثورية الشيوعي (عبد الواحد محمد نور) لا يحرص علي الحوار ولا علي الحريات التي يمكن أن تأتي بنظام منتخب ديمقراطياً. إن موقف قطاع الشمال الذي يقود الجبهة الثورية بالرغم من عدم تطابق رؤية الحركات الدارفورية المنضوية تحت الجبهة الثورية مع القطاع أو حتي مع بعضهم البعض... أقول إن موقف قطاع الشمال من الحوار لا يتخلف عن موقف الحزب الشيوعي الذي وقع مع الجبهة الثورية علي ميثاق كمبالا فجميعهم يؤمن بالبندقية كوسيلة للتغيير لقناعتهم أن الديمقراطية لن تحقق لهم ما يريدون. كوسيلة للتغيير لقناعتهم أن الديمقراطية لن تحقق لهم ما يريدون. المطلوب من جميع القوي المشاركة في الحوار الوطني أن تصل (الكضاب لخشم الباب) بالرغم من أنه لن يستجيب لها ومن ثم تنطلق نحو تحقيق مطلوبات الحوار الوطني فلا الحزب الشيوعي أكثر وطنية منها ولا هو أكثر رصيداً وأعظم تأييداً أو أجدر بأن يعطل الحوار حتي لو استقوي بحلفائه من قطاع الشمال. علي القوي الوطنية كذلك خاصة د. الترابي والصادق المهدي أن يبذلوا جهداً أكبر في سبيل إقناع حملة السلاح خاصة من الحركات الدارفورية حتي تشارك في الحوار فما بين مكونات الجبهة الثورية مجرد زواج متعة لا يقوم علي إستراتيجية متماسكة أو متقف عليها ففي حين يعمل قطاع الشمال علي إقامة مشروعه الإستراتيجي المسمي بمشروع السودان الجديد فإن حركة العدل والمساواة تحمل مشروعاً مختلفاً ربما يتصادم مع مشروع عرمان. هناك عامل أخر مهم للغاية في هذا الحراك الوطني وهو ما يجري في جنوب السودان كما أن للموقف العسكري دوراً حاسماً في التحكم في مآلات الحوار الوطني ولذلك علي الحكومة والقوات المسلحة بذل الجهد قبل الخريف لإنهاء التمرد علي الأقل في مناطق قطاع الشمال وأعني تحديداً منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق فذلك مما يغير كثيراً من المشهد السياسي ويهيئ للحوار الوطني أن يحقق كل مطلوباته المتمثلة في الانتقال إلي طور جديد في مسيرة السودان السياسية. نقلا عن صحيفة الصيحة 15/4/2014م