تباعدت الرؤى بين تحالف قوى الإجماع التي يقف على رأسها الأستاذ فاروق أبو عيسي – (شفاه الله من الوعكة التي ألمت به مؤخراً)- والقوى التي أجمعت على الوفاق على مائدة الحوار الوطني الذي بات مسؤولية قومية لابد منها. وتباعد تحالف ما يسمي بالإجماع الوطني والحزب الشيوعي السوداني ومن لف لفهما لم يأت من فراغ وإنما من صميم سياسات ورؤى (الجبهة الثورية) التي احتفلت قبل أسابيع قليلة 2014/4/3م وفي اجتماع ضم ستين عضواً بما دعت شهداً انتفاضة سبتمبر – أكتوبر 2013 أي التظاهرات والعنف والتخريب الذي شهدته العاصمة الخرطوم وكما قلنا وكررنا القول اعترف الحزب الشيوعي السوداني عبر سكرتيره العام المهندس الخطيب بدوره فيها حيث إنها بعض فلسفته وفكره وإستراتيجيته..! ولكي يعتمد القارئ ما قلنا من تطابق في الرؤى والسياسيات بين (قوى الإجماع) نورد بعض ما جاء من نقاط في ذلك اللقاء الذي جمع عدداً من قادة المجلس القيادي للحركة الشعبية جناح الشمال الذي ولد وأنجب الحركة الشعبية، فقد جاء في التقرير الصادر عنه الكثير غير أننا نقطف منه ما يلي من نقاط تقول: - المرجو أساليب وإستراتيجية خلاقة ترمي للخلاص النهائي من نظام المؤتمر الوطني.. - فضح مخططات النظام وشركائه الرامية للاصطفاف على أساس ديني وجغرافي. وذلك كله لأن الجبهة الثورية ترى حسب ما جاء في التقرير المذكور أن (نظام المؤتمر الوطني عبر أساليب ماكرة وحرب ضروس يسعي لشراء الوقت وفرض أجندته على القوى المعارضة والوصول إلى عملية دستورية تعيد إنتاج النظام)..! ونرى أن هذا قد ترجمته قوى الإجماع وعقلها المفكر الحزب الشيوعي السوداني إلى قرارات وحراك سياسي منها أمران بارزان: أولاً: إعلان حزب المؤتمر الشعبي وهو مؤسس في ما يدعي قوى الإجماع الوطني المعارض ولسنوات طويلة حزباً غير مرغوب فيه ولم يعد عضواً في تحالف الإجماع وذلكم جراء قبوله مؤخراً بالحوار الوطني والعمل من أجله.. ثانياً: الإعلان جهاراً نهاراً وفي ندوة أولية سياسية جماهيرية إلى (تفكيك) النظام القائم وليس حكومة قومية أو مستقلة كما كانت الدعوة من قبل. فالاحتمال إلى (اصطفاف ديني) أو عقدي نهت عنه (الجبهة الثورية) هو الذي دعا إلى إخراج المؤتمر الشعبي من جماعة أبي عيسي (شفاه الله)..! أما الدعوة إلى تفكيك النظام التي جاءت على لسان الناطق باسم تحالف الإجماع في ليلة سياسة سبقت الإشارة اليها فهي الأخرى التزام ونطق واستجابة بما جاء على لسان القادة السياسيين للجبهة الثورية في مؤتمرها الجامع الذي انعقد مؤخراً وكان فيه الكثير مما يستحق أن يشار إليه ويذكر غير من خطط مستقبلية. فقد جاء في التقرير: - ضرورة السعي الجاد لتوحيد قوى المعارضة والأقسام الراغبة في التغيير في الأحزاب كافة. - الإصرار على جسم مستقل تحتاجه العملية الدستورية ويتشكل من: الآلية الأفريقية رفيعة المستوى ورئيس الإيقاد وممثل للأمين العام للأمم المتحدة. ونتصور أن هذا الذي أوردناه من أجندة حلفاء الجبهة الثورية ويعملون له صمتاً وجهراً وهذا متوقع وجائز غير أنه كله يصب في الاتجاه المعاكس للدستور والمصلحة القومية ذلك أن (الجبهة الثورية) اختارت السلاح للتغيير عن أهدافها ومصالحها وليس السياسة وفضلاً عن ذلك تحتفل بحرب أبي كرشولا وأم روابة وتمجد من تدعوهم شهداءها وشهداء تظاهرات سبتمبر وأكتوبر من العام الماضي التخريبية التي أبادت وقتلت وأهدرت. إن من أطلقوا نداء الحوار الوطني ومن يرون فيه طريقاً للخروج بالبلاد من أزماتها يعملون جاهدين في سبيل ضم الحزب الشيوعي وحلفائه (قوى الإجماع) إلى ذلك المشروع القومي والوطني، إلا أن أجندتهم وارتياحهم بالجبهة الثورية ونشاطها وسياساتها لا يجعلان من ذلك هدفاً قريباً أو محتملاً .. فالخلاف والاختلاف هنا بين الأطراف واضح. إن من يدعو إلى تفكيك النظام جهاراً .. ويعمل علي ذلك بدعم آخرين يحملون السلاح يتصور أحد أنهم سيدخلون في مشروع ديمقراطي سلمي حصدوا مردوداته وعوائده التي منها معاودة صحيفته (الميدان) الصدور وإتاحة الفرصة أمامه للتعبير في سائر الأجهزة ثم أخيراً الميادين العامة ومخاطبة الجماهير في ليالي سياسية. تفكيك النظام وترحيله كلها أمور مقبولة ومشروعة لمن أراد الديمقراطية بوسائلها وأساليبيها وأشهرها لا ريب (الانتخابات) رئاسة وتشريعية أما السلاح وطرح ذلك كأمنيات وأحلام فيبدو غير مقبول ولا متاح بالقانون والدستور. نقلاً عن صحيفة المجهر السياسي 2014/4/20م