حالة الفوضى التى تعانى منها الآن منطقة بنغازى وعديد من المناطق الليبية، تستلزم تدخلا عاجلا من كل الأطراف المعنية، لضبط الأوضاع الأمنية وتحقيق الاستقرار واستكمال بناء المؤسسات الوطنية مع الحفاظ على وحدة الأراضى الليبية. فعندما ثار الشعب الليبى على نظام حكم معمر القذافى ووصل الأمر إلى حد الحرب الأهلية، خاصة مع طبيعة الشعب الليبى الذى تلعب فيه القبلية والعشائرية دورا كبيرا، تدخلت مجموعات قتالية تابعة لحلف الناتو وبعض الدول العربية، لمساعدة الشعب فى إنهاء حكم القذافي، لكن لأنه لم تكن هناك جهة واحدة تعبر عن الشعب الليبى وتمثل أطيافه، ومع سقوط كل مؤسسات الدولة وانقسام الجيش الذى كان يعانى أصلا من ضعف شديد وعدم اهتمام من نظام القذافي، انتشرت المجموعات المسلحة على الأراضى الليبية، بعضها يعبر عن قبائل وعشائر، وبعضها يمثل اتجاهات سياسية وأيديولوحية، وآخرون ينتمون إلى جهات مناطقية. ومع ضعف الحكم المركزى وعدم وجوده فى بعض الأحيان، وانتشار الأسلحة بكميات ضخمة ونوعيات متقدمة، سواء المسروقة من مخازن نظام القذافى أو تلك التى تركها حلف الناتو وبعض الدول العربية خلال حربهم ضد القذافي، ظهرت الدعوات الانفصالية، وبات مخطط تقسيم ليبيا أقرب إلى التنفيذ من أى وقت مضي. ولم تعد هناك سيطرة لأى جهة ليبية على ما يحدث، ولعل ما جرى فى بنغازى خلال اليومين الأخيرين أكبر مثال على ذلك، حيث هاجمت ميليشيات تابعة لقائد القوات البرية السابق معسكرات تابعة لميليشيات إسلامية فى بنغازي، ودار قتال كبير بين الجانبين، والغريب هو مشاركة عناصر عسكرية من الجيش الليبى وطائرات تابعة له فى القتال دون إذن من قيادة الجيش أو أمر منه، وهو ما يعكس حجم الانفلات الموجود على كل المستويات. إن ما يحدث فى ليبيا ويهدد وحدة وسلامة الأراضى الليبية، يشكل تهديدا صريحا للأمن القومى العربي، خاصة مع تواتر الأنباء حول النشاط العسكرى للميليشيات الإسلامية فى شرق ليبيا، والأنباء عن تجمع عناصر متطرفة من عدة دول فى معسكرات تدريب بهذه المنطقة، بدعم من قطر. وهو أمر يتطلب تدخلا عاجلا من جامعة الدول العربية وحلف الناتو والأمم المتحدة لمساعدة الحكومة الليبية على بسط سيطرتها على كل الأراضى الليبية، وإتمام عملية التحول الديمقراطي، وإعادة بناء مؤسسات الدولة. المصدر: الاهرام المصرية 18/5/2014م