وبعيداً عن جدلية وزارة الخارجية وبياناتها المترجلة والمرتجفة لا بد لنا ان نتمعن في شكل العلاقات السودانية الايرانية، على ان تكون جرداً لحساب طويل يمكن ان يضع النقاط على الحروف. وما بين التوضيح والنفي ومحاولات وضع المساحيق فى تصريحات ملحقة لوزير خارجيتنا، يطل علينا سؤال يفرض نفسه عن شكل المقابلات الصحفية التى يجريها السيد الوزير خاصة مع الإعلام الغربي الذي وضع وزارة الخارجية فى الشرك، بل وجعل من تصريحات وزيرها قضية للرأي العام العالمي. أرسلت وزارة الخارجية بياناً توضيحياً للإعلام السوداني وطالبته بنشره فى مساحات واسعة من الصحف الصادرة فى الخرطوم ولكن هل بإمكانها ان تتجول على صحف الخليج التى وجدت ضالتها فى حوار كرتي وصنعت منه مواداً قابلة للتحليل والإتهام والتأويل؟ حواراتنا مع الاعلام الخارجي تحتاج الى ترتيب وإلى تريث خاصة وان البلاد تمر بمنعطف خطير يتطلب تروِّياً وحذراً، حتى لا تضيع ملامح التكوين الواقعي ويتم استبدالها بمعلومات يمكن ان تنسف كل المجهودات التى بذلت مسبقاً. وبغض النظر عن التفاصيل التى دارت هنا وهناك وقبيل ان يصدر أمر بحظر النشر فى هذا التصريح، لابد لنا أن نتساءل حول منصات الدفاع الايرانية؛ هل هي مقترح من ايراني أم أن الخرطوم هي من طالبت بدراسة جدوى حول الموضوع؟ وعلاقاتنا مع طهران نفسها بحاجة الى مراجعة وتشخيص وتدقيق في مطروحات الفترة الفائتة واستصحاب كل الاحداث التى جرت فى السابق ابتداءاً من ضربات اسرائيل للسودان جوياً بزعم وجود ذات المنصات الايرانية مروراً بضرب مصنع اليرموك بالاضافة الى توتر الدول الخليجية من تلك العلاقة التى أحدثت خللاً وتوتراً واضحاً فى شكل العلاقات الدبلوماسية. ويبدو أن هناك بعض العناصر فى الدولة ذات هوى فارسي، الامر الذي خلص لاستمرارية العلاقة مع طهران رغم المشاكل التى دخل فيها السودان بذات السبب.. لذلك اخشى ان تدور الدائرة طويلاً فى ذات المنحى الذي بات مهدداً للسودان بشكل واضح. حان وقت ان نعيد حساباتنا حول تلك العلاقة التى كانت واحدة من مسببات تأرجح الدبلوماسية بيننا وعدد من دول الخليج.. لأن الحكمة تتطلب ان يكون التركيز مع الاغلبية ضد دولة واحدة خاصة إن استعت الجفوة فى ذات الشأن. طهران علاقة تهدد مصير بلادنا، و تدفعنا الى مهالك قد تقضي علينا تباعاً.. وعليه فإن التفكير لا بدان ينصب فى ذات الاتجاه، على ان تكون الحكمة والدبلوماسية حاضرتين فى تصحيح خارطة الخارجية التى تشوبها النظرة العقيمة والقليدية الفجة والسحفائية فى نمط التداول المستحدث عالمياً. الانسحاب التكيتكي والابتعاد الموزون عن خارطة التعامل الايجابي يمكن أن يؤتي أكله ويعضد اطروحات الخارطة الجديدة للمشهد الخارجي. لأن حسن النويا أولى الخطوات فى ترميم السواقط والعتاب والجفوة المفتعلة. نقلا عن صحيفة الصحافة 3/5/2014م