بعد نحو 3 سنوات من انفصال جنوب السودان عن دولة السودان، بدأت الأصوات تتعالى مطالبة بنظام فيدرالي للحكم في دولة الجنوب، التي يحكمها دستور انتقالي يتحدث عن نظام لا مركزي، "لكن الممارسة العملية تثبت أن جميع القرارات والموارد تدار من العاصمة جوبا"، بحسب مراقبين. وتقول تقارير الموازنة العامة للدولة في السنوات الماضية، إن المركز يستأثر بنحو 80% من موارد البلاد، وبقية ال20% من الميزانية تذهب إلى بقية الولايات العشر. إقليم الاستوائية مؤتمر ولايات إقليم "الاستوائية"، سابقا، وهي "الاستوائية الوسطي، شرق الاستوائية، غرب الاستوائية"، هو أول جهة داخل جنوب السودان، طالبت بتطبيق النظام الفيدرالي، وذلك في أول اجتماع عقدوه بعد الاستقلال مباشرة، في عام 2011. وأعلن حاكم ولاية الاستوائية الوسطي، "كلمنت واني كونقا"، في خطاب ألقاه أمام أكثر من 3 آلاف موظف بحكومة الولاية- معظمهم من أبناء المنطقة الاستوائية، الثلاثاء الماضي، دعمه القوي الفيدرالية التي اعتبرها مطلبا غير قابل للتغيير. وكان رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، أعلن في خطاب ألقاه الأسبوع الماضي أثناء افتتاح أعمال الدورة البرلمانية الجديدة، أنه يدعم خيار الفيدرالية باعتباره مطلبا شعبيا، وليس لأنه مطلبا يتعلق بأفراد، في إشارة إلى نائبه السابق ريك مشار. أنانية مفرطة إبراهيم أوول نكير صحفي ومحلل سياسي، جنوب سوداني، يقول إن "الدعاوى المتصاعدة نابعة من أنانية مفرطة وتحركها شهوة صراع الموارد و العداء للآخر، بمعنى أنها تراجع حقيقي عن الوحدة التي أوجدها الاستفتاء على تقرير المصير"، والذي جرى في يناير 2011، وصوت فيه أكثر من 98 % لصالح الانفصال. وأضاف أن "الفيدرالية التي يقصدونها تتجه مباشرة لتفكيك سلطة المركز نسبة للفشل الزريع الذي حظيت به تجربة الحكم الوطني والحزب الحاكم، فمنذ إعلان الاستقلال، لا توجد تنمية حقيقة ولا اهتمام بالولايات". سبب في الوحدة في الوقت ذاته يري بعض المراقبين أن النظام اللامركزي المتبع حاليا في الحكم قاد إلى احتقان متزايد، وأثبت فشله في تقسيم الموارد بطريقة عادلة على الأطراف والولايات، وهو ما يذهب إليه المحلل السياسي مبارك شارلس بالقول: "لا أعتقد أن الفيدرالية ستقود إلى تقسيم البلاد، بل ستكون إحدى عوامل الوحدة بين المكونات مستقبلا". وأضاف: "الفيدرالية ستحدد مهام المركز تجاه الولايات أو العكس، فكل ولاية، أو إقليم فدرالي سيكون في سباق تنافسي مع باقي الولايات في التطور والتقدم لأنها تعمل بكل أريحية دون تدخل أزرع المركز بطريقة غير مبررة". ظروف سيئة وتأتي تلك الدعوات للفيدرالية في وقت تعيش فيه البلاد منذ منتصف ديسمبر 2013، مواجهات دموية بين القوات الحكومية ومسلحين مناوئين لها تابعين للنائب السابق للرئيس، ريك مشار، الذي يتهمه الرئيس سلفاكير ميارديت بمحاولة الانقلاب عليه عسكريًا، وهو ما ينفيه الأول. المصدر: الشرق القطرية 6/6/2014م