أكد نائب الرئيس حسبو محمد عبد الرحمن "الجمعة" أن الحكومة أولت الحوار الوطني اهتماماً كبيراً، ولا زالت تعول عليه استراتيجي لضمان التداول السلمي للسلطة وإنهاء التمرد بالبلاد. وأن القيادات السياسية التي تم توقيفها في الفترة الأخيرة كان لدواع أمنية وليست سياسية، وأشار الي أن الموقوفين أمنياً "أمام القضاء الآن" وجاء ذلك في مخاطبة جماهيرية بمحلية "أبو جبيهة". وحول علاقة الحوار الوطني ومساراته التي لم يتم التحرك عبرها بعد بالتوقيف السياسي لعدد من القيادات في الآونة الأخيرة، تركزت إفادات نائب الرئيس في محاولة لتقديم تفسيرات محددة لها. كما أن التفريق بين "الدواعي الأمنية" التي تدخل. بصيغتها القانونية هنا والأخرى "السياسية" بحسب ما جاء في هذه المخاطبة الجماهيرية كسبب للتوقيف بما يقيد أن الحريات عملياً متاحة. يجئ هذا الاهتمام السياسي بالحوار الوطني من قبل الحكومة في هذه المرحلة بالتحديد علي اثر الإعلان عن قانون جديد للانتخابات ستصدره المفوضية يتم من خلاله تحديد أوان انطلاقها في العام القادم. وتلاحظ أن هنالك عدداً من الأحزاب بالخرطوم قد أعلنت "تحفظاتها" علي الحوار وذهب البعض نحو "رفض المشاركة" بشكل قاطع، وأن الحوار نفسه، في شكله الإجرائي قد تأخر كثيراً. وتتجمع في هذا السياق، العديد من النقاط المتفرقة بأجندة هذا الحوار الوطني خصوصاً في الضفة الأخرى، بالمكاتب السياسية للأحزاب في تحالف المعارضة وتبدأ من نقطة وقف الحرب بالمنطقتين. ولم يعد سراً أو خافياً حتي، أن نقطة وف الحرب في المنطقتين ودارفور صار هو الهم الأكبر لهذه الأحزاب السياسية التي باتت تشهد تراجع موقف "الجبهة الثورية" ميدانياً وسياسياً في الفترة الماضية. ذلك بالرغم من أن الحرب علي التمرد بهذه الكيفية التي تجري الآن بعدد من المناطق في جنوب كردفان لم تكن الخيار الأمثل، إلا أن الاتفاق علي وقف لإطلاق النار بين هذه الأطراف بات بعيداً جداً. وقطعاً، الوضع السياسي والأمني بعد انطلاق عمليات الصيف الحاسم لن يكون كما كان قبله وينعكس هذا الأمر بطبيعة الحال علي المشهد السياسي الكلي بالبلاد وتقوم بترجمته تصريحات" هنا وهناك. ومن منظور رجل الشارع العادي، فان خفايا هذه الارتباطات الداخلية بين مكونات المعارضة المسلحة أو السياسية لابد وأن تتجه ولو مرة واحدة باتجاه الحل السياسي الذي تعجل بنهاية هذه الحرب. لأن القضايا التي تم تفسيرها بأنها جاءت لدواع أمنية كانت تدور بتفاصيلها المحظور حولها النشر، حول مجريات "وقائع الحرب" وليست معالجاتها كأن هذه الحرب "قرار بئر لا نهاية لها". وأن كانت هذه الصراعات قد دارت علي خلفيات سياسية بحتة إلا أنها لم تكن بالقدر الكافي من القوة في مضمونها وإمكانات تحولها لقضية "رأي عام" كما تم التخطيط لها استباقاً لهذه العمليات العسكرية. وتشير إفادات السيد نائب الرئيس الي قرب الإعلان عن انطلاقة الحوار الوطني بشكله الإجرائي في الفترة المقبلة وأن وقف الحرب من قبل الحكومة في جنوب كردفان وغيرها بات مسألة وقت وأن هناك نهاية. وعلي ذكر المواقف السياسية المعلنة من الحوار الوطني بالنسبة لعدد من الأحزاب في تحالف المعارضة تأتي مسألة أولوية إسقاط النظام في مقدمة الأجندة التي يجري النقاش حولها بشكل أحادي "قابض" هناك. ويتصور البعض في داخل نفس هذه الهيئة أن الحكومة لا تملك من الخيارات السياسية سوي أن "تتنفس من رئة المعارضة"، وهو يفضل أن تتركها تموت في الإنعاش مختنقة بهذا الخيار الوحيد أمامها. وبالرغم من غياب الحيوية في الأفكار والرؤى السياسية المطروحة من بين البدائل القائمة الآن في الساحة السياسية السودانية، نقف مع رجل الشارع العادي في منطقة "الدهشة" حيال كل ذلك الالتباس والغموض. ووضع "التجميد" والترقب الحذر الذي تمارسه بعض هذه القوي السياسية إزاء ما تقوم به الحكومة من إجراءات سياسية وأمنية في عدد من الملفات الشائكة لا يمثل جديداً بقدر ما هو "فرص مهدرة" بالنسبة للجميع. وأن المعارضة لم تنجح في استغلال مساحة الحريات التي هي كيفما كانت "بما لها وما عليها" في تحريك أياً من هذه الملفات "إيجاباً"، وأن الحكومة عملياً لازالت هي من يملك مفاتيح الدخول الي إدارة هذه الملفات. وسيكون بديهياً القول، ألا أحداً سيذهب بمحض إرادته تاركاً خلفه السلطة للآخرين، وأن الجمود في المواقف السياسية لا يخدم، كأسلوب انتقائي هنا قضية الشعب السوداني في السلام والتنمية. وأياً كانت الدلالات السياسية التي حملتها تصريحات السيد نائب الرئيس بمحلية أبو جبيهة الجمعة الماضي، فانه يؤكد بصورة أو أخري بأن الحكومة لازالت قادرة علي المناورة وأن ورق اللعب بيدها وحدها الآن. وعلي الرغم من هذه المواقف السياسية المتضاربة من الحوار الوطني، إلا أنه يمثل للأغلبية "الصامتة" من أبناء الشعب السوداني الكثير، لأن المعاناة التي طالت سنواتها لا تنتهي بإنصاف الحلول والهروب السياسي المراوغ. نقلا عن صحيفة الصحافة 15/6/2014م