لم يضف إطلاق سراح الزعيم السوداني المعارض الصادق المهدي إلى الساحة السياسية سوى المزيد من الضباب، حول مصير الحوار الوطني الذي تتقاذفه مجريات الأحداث وهو يصارع أمواج مراكز قوى داخل السلطة الحاكمة من جهة، وبين أحزاب المعارضة من جهة أخرى . ولا يبدو من الواضح ما اذا كان المهدي تراجع عن انتقاداته لقوات الدعم السريع التابعة لجهاز الأمن والمخابرات، أو اعتذر عنها، لكن د . كامل إدريس أحد أعضاء لجنة قومية للوساطة، أكد أن المهدي كان متعاوناً معهم، وان همه كان منصباً على الأجندة الوطنية، وإنجاح الحوار الوطني . عدد من المصادر، شكك في بيان مهمور باسم محامي المهدي، وتجنبت بعض الصحف إبرازه، رغم التوقيع البارز للمحامي، لكنها نشرت بقية الحديث الرسمي عن إطلاق المهدي، والذي تنتهي فقراته "ولما كانت هناك فعلاً مصلحة عامة سياسية واجتماعية تبرر هذه الدعوى، فقرر وزير العدل قبول الطلب المقدم من المحامي وأمر بوقف الدعوى الجنائية في مواجهة المهدي وإخلاء سبيله فوراً" . مصادر أخرى أشارت إلى صفقة، بين المهدي والحكومة، ترتكز على أن الظروف التي تمر بها البلاد تفرض الانحناء لكل العواصف، واحترام القوات المسلحة، وبقية القوات النظامية الأخرى . وفي تصريح للمهدي قال إن تجربته في السجن ستدفعه إلى الاستماع لكل الأطراف، التي شاركت في استفتاء شعبي بسبب سجنه، وسيجتمع بهم في لقاء جامع لتحديد الموقف الذي يريده الشعب السوداني لتحقيق مطالبه" . وهي إشارة واضحة إلى عودته إلى تحالف المعارضة بكل قوة . كما يبدو من التقارير، أن السبب الرئيسي لإطلاق سراح المهدي هو إنقاذ الحوار الوطني، الذي انضم حزب الأمة القومي وحزب الإصلاح الآن، الذي يتزعمه غازي صلاح الدين، إلى تحالف المعارضة في مقاطعته، بينما بادر نائبه في رئاسة الحزب، اللواء برمة ناصر بموقف حزبه حتى عقب إطلاق سراح المهدي وهو التأكيد الرافض للحوار دون تنفيذ متطلباته المتمثلة في إطلاق الحريات وإلغاء القوانين المقيدة لها وفتح الممرات لإيصال المساعدات الإنسانية للمتأثرين بالحرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق . ويأتي مثلان متقابلان، على أن "الحوار الوطني" هو سيد الموقف حتى ذلك الإشعار، الأول ترحيب فاروق أبوعيسى، رئيس تحالف قوى الإجماع الوطني بإطلاق سراح الصادق المهدي، والثاني يأتي، من بين مسؤولين تحدثوا عقب إطلاق سراح المهدي، كالنائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول ركن بكري حسن صالح، الذي شدد على حوار مسؤول يفضي إلى وفاق وتصالح وطني ويؤكد على ثوابت الأمة، ويرفض أمنيات من يظنون ان الحوار سيقود إلى تفكيك الدولة لأن تقديرهم غير صحيح ويؤكد أن القوانين ستتصدى لكل من يتجاوز القانون . المصدر: الخليج الاماراتية 17/6/2014م