اضحت عملية إنقسام المجموعات المسلحة الدارفورية كل فترة أمرا طبيعيا نظراً لتكوينها ونشأتها التي قامت على العمل العسكري ضد الحكومة دون تقنينه بإطار سياسي، وكذلك لا يوجد تنظيم عسكري لهؤلاء المسلحين ويوحد أهدافهم. ويعاني فصيل عبد الواحد من الصراعات والمواجهات العسكرية الداخلية المتجددة والمتكررة، بسبب الإنشقاقات ومحاولات رئيسه الفاشلة في إرجاع المنشقين، حيث وقعت مؤخراً اشتبكات عنيفة بين القائد العام قدوره والقائد الثاني المنشق محمد عبد السلام (طرادة) نتج عنها تصفيات لبعض القادة الكبار بمنطقة شرق جبل مرة بولاية جنوب دارفور. كما ان سجون ومعتقلات منطقة بلدونج بجبل مرة تعج بعشرات المعتقلين من معارضي عبد الواحد، أمثال مصطفى عبد الله قائد لواء السلطان تيراب وحسن خير قائد الاستخبارات والطيب بشار مستشار الأمين العام عضو المكتب السياسي للفصيل، وكان آخر الصدامات التي وقعت بين مجموعة منحازة للسلام ويونس ديسونق القائد العام المكلف لفصيل عبد الواحد بغرب جبل مرة، واسفرت عن سقوط عشرات من القتلى والجرحى وحرق قرية كويلا مكان الحدث ونهب ممتلكات المواطنين. وأول الإنشقاقات التي تعرضت لها الحركة كانت في مؤتمر حسكنيتة عام 2005م الذي جاء بمناوي رئيساً خلفاً لعبد الواحد الذي تم عزله لنزعته الدكتاتورية، والانفراد في اتخاذ القرارات المصيرية، وعدم الالتزام بالمؤسسية، حيث وجهت له اتهامات من القادة الكبار لضلوعه في عمليات الفساد المالي وجمعه الأموال لمصلحته الخاصة، وكذلك لإثارة الفتن العنصرية في الأوساط العسكرية للحركة. وقد ذكر جمعة حقار قائد عام حركة تحرير السودان في ذلك الوقت في بيان له تورط عبد الواحد في ارتكاب جرائم عنصرية ضد طلاب أبرياء بمنطقة زالنجي، وإصدار أوامر بسطو على عربات إغاثة بين الفاشر وكبكابية، وكذلك إصداره لتعليمات بتنفيذ عمليات عسكرية ضد المدنيين حول جبل مرة. وفي أثناء جولة مفاوضات أبوجا السابقة التي بدأت في أواخر نوفمبر 2005م قرر عبد الواحد نسف المفاوضات بمخاطبته للاتحاد الأفريقي، وسحب ممثلي حركة تحرير السودان وإلغاء تكليفهم من قبل الحركة، وذلك لمكايدات شخصية بينه ومني أركو مناوي. ولإنقاذ الموقف اجتمع (19) من القادة السياسيين والعسكريين بأبوجا وأصدروا قراراً بعزل عبد الواحد من رئاسة الحركة، وتكليف نائبه خميس عبد الله أبوبكر والإبقاء على وفد التفاوض. وعند رفض عبد الواحد وكذلك خميس أبكر التوقيع على أبوجا إنشقت الإرادة الحرة، بعد ان خاطب عدد من القادة عبد الواحد طالبين منه الحضور للميدان لمناقشتهم، وإرسال طائرة تقلهم إلى أبوجا للإدلاء برأيهم وقرروا الانحياز للسلام، إلا أنه لم يحضر. وبلغ الأمر بعبد الواحد ان أخفي ذلك على الاتحاد الأفريقي الراعي للمفاوضات، فقام القادة بتكليف عبد الرحمن موسى برئاسة الإرادة الحرة ووقع على اتفاق السلام، ثم توالت بعد ذلك الإنشقاقات التي لازالت مستمرة حتى الآن بحركة تحرير السودان. ويقول خبراء إن الحركات المسلحة الدارفورية قائمة على أساس التفريخ والانشطار فهي أشبه بالأمبيا الانشطارية، في وقت فشلت فيه الجهود والمساعي السابقة لتوحيد رؤية الحركات لخدمة سلام دارفور، فالحركات يطغى على تكوينها الجانب القبلي والعشائري ولا مجال فيها للرأي الآخر فهي لا تصلح حاضراً ولا مستقبلاً لأي عمل سياسي، سواء كانت في السلطة أو خارجها، ولن تخدم قضية دارفور ولو بقليل.والمتتبع لمسيرة حركة تحرير السودان التي انتجت فصيل عبد الواحد رئيسها السابق، يجد أنها تشكلت بخلية عكسرية في منطقة زالنجي قوامها سبعة عشر من الشباب يقودهم المحامي عبد الواح،د وذلك بعد إطلاق سراحه من الاعتقالات جراء قيامه بتوزيع منشورات باسم القوى الديمقراطية الثورية، تدعو لإثارة النعرات القبلية والعنصرية. ثم بدأ في تكوين معسكر تدريبي لعناصر من قبلية بمنطقة (مرتجلو) بجبل مرة.