الوصف الوظيفي أعلاه لم يطلقه أحد على الرئيس اليوغندي يوري موسيفني ولكن كانت المفارقة أنه هو من أطلقه على نفسه في أحد الملتقيات السياسية لأعضاء حزبه مؤخراً. ووفقاً لصحيفة (ديلي مونيتر) اليوغندية فإن الرئيس موسيفني قال لقادة وأعضاء حزبه في الملتقى الذي انعقد في مدينة (كياكوانزي) أنه ليس جنرالاً كشأن الجنرالات الذين يتخرجون في الكليات العسكرية ويتدرجون في الرتب؛ وإنما هو يعتبر نفسه جنرال حرب، حاز على هذه الصفة بجهده الخاص عبر الميدان والحروب التي خاضها! الرئيس موسيفني بدا شديد الإعتداد والثقة بنفسه وهو يخاطب كتلة حزبه البرلمانية، ووقفاً للوقائع المدهشة التي نقلتها الصحيفة فإن الرجل بدا شديد الغرور وقام بتوبيخ معارضيه علناً في ذلك الملتقى وهدد بأنه على علم تام بما يحيكونه من مؤامرات معيداً التذكير لهم بصفته الجديدة التي أطلقها على نفسه (جنرال حرب)! والواقع أن الرئيس اليوغندي بهذا المسلك الواقعي وهذه الصفة التي أضفاها على نفسه وفّر علينا مشقة الخوض في تحليل تصرفاته المريبة التي عُرف بها والتي أثرت ولا تزال تؤثر على مجمل الأمن القومي للمنطقة واحتضانه المعروف للحركات المسلحة السودانية وفي مقدمتها الجبهة الثورية والتي تعتبر العاصمة اليوغندية كمبالا إحدى أهم محطاتها المهمة. وقيمن بمن يتصف بهذه الصفة (جنرال حرب) أن يصبح بالفعل معولاً هداماً للبنية الأمنية للقارة الإفريقية وتدخله في شئون جيرانه وليس تدخله في الصراع الجنوبي الجنوبي ببعيد عن الأذهان؛ كما أنه معروف باستعداده الدائم لتنفيذ أي خطط إستخبارية غربية في حديقته الخلفية المظلمة. ولعل من الأمور الغريبة إن واحدة من أكثر دوافع الرئيس موسيفني بهذا التباهي أمام أعضاء حزبه ما أشارت إليه صحيفة (نيوز فيشن) اليوغندية من أنَّ جيش الرب الذي يتزعمه المعارض اليوغندي المعروف، جوزيف كوني تقلص في الفترة الأخيرة ليصبح فقط في حدود 220 مقاتل، حيث أماطت الصحيفة اللثام عن سبب هذا التقلص والتراجع لنشاط جيش الرب واختفاء زعيمه كوني قائلة إن تقرير التنور الأمني السنوي -وهو تقرير رسمي- عادة ما يتناول مسار أزمة جيش الرب، أشار إلى أن برنامج مناهضة جيش الرب –و هو الذي يتولاه مسئولاً يوغندياً يدعى (شين بول) بمقر خفيّ تحت لافتة (منظمة الأطفال المحجوبين) في العاصمة كمبالا؛ أورد هذا التقرير أن الحملة العسكرية نجحت في إضعاف وتشتيت جيش الرب غير أنّ ذات الصحيفة لم تدع الأمور مواتية للرئيس اليوغندي وهو يستشعر هذه الراحة النفسية والاستقرار المصطنع فتطرقت إلى أن الأحزاب الرئيسية المعارضة في يوغندا بدأت منذ الآن حملة عامة واسعة النطاق تطالب فيها بإصلاحات جذرية في النظام الانتخابي اليوغندي لضمان انتخابات عامة حرة ونزيهة للعام الانتخابي المقرر له العام 2016. وهكذا يبدو أن الرئيس موسيفني ومع كونه جنرال حرب تنتظره حروب سياسية في بلاده لا يُعرف ما إذا كان قادراً على الانتصار فيها أو كسبها، والأمر متروك لتصاريف الأيام.