تعاملت الخارجية بتعقل وحسن تصرف في موضوع إغلاق المستشارية الثقافية الإيرانية، وجاء تصريحها الرسمي أمس على لسان ناطقها الرسمي السفير يوسف الكردفاني، موزوناً ومتطابقاً مع العرف الدبلوماسي واللغة الواضحة التي لا تقبل التأويلات والتفسيرات، ولم تحمل عباراته ومفرداته أوجهاً متعددة.. بحيث يصعب تحويره سياسياً إلى غير المقصود من الخطوة التي اتخذتها الحكومة وحيثياتها ومبرراتها. وأسباب الإيقاف كانت مبينة من غير شطط، ودون إنزلاق في التوصيف المخل الذي ربما يدخل العلاقة السياسية بين البلدين في نفق مظلم لا يعرف حده ومداه، والمتعارف عليه في التعاملات الدبلوماسية لمثل هذه المواقف، ضبط اللغة ووزنها حتى لا يتم الخروج عن النص وتجاوز السياق الموضوعي للقرار نفسه، فالخارجية أبانت أن المركز الثقافي الإيراني تجاوز التفويض الممنوح له والاختصاصات التي تحدد عمله، ومعلوم أنه تتماهى فواصل وخطوط عديدة في عمل المراكز الثقافية، وجرت العادة أن السلطات المعنية في أية دولة تدرك الدوافع التي تجعل الدول المضيفة تتخذ هذا النوع من الإجراء، ففي الغالب تكون المراكز الثقافية إما تغطية للأعمال غير المعلنة في البلد المضيف مثل العمل الاستخباري، وبعض البلدان التي تمتلك توجهات فكرية وسياسية ومذهبية تعتمد على مراكزها الثقافية في البلدان المضيفة لنشر أفكارها وثقافتها وتوجهاتها، وليس الغرض منها إقامة الروابط الثقافية المعروفة. ولم يجنح بيان الخارجية إلى الخوض في التفاصيل التي يمكن أن تمتد ظلالها وذيولها للعلاقات السياسية بين الخرطوم وطهران وتحميل ما حدث أكثر مما يحتمل، فالجانب الإيراني لا بد أن يكون قد تفهم الرسالة التي وصلته لأنها بليغة وواضحة وسيتعامل معها وفق المتبع في العرف الدولي بناءً على اتفاقية فينا التي تحدد كيفية التعامل مع مثل هذه الحالات بين الدول، لتبدأ مسيرة البحث عن تدفئة العلاقات بعد برودها، والتفتيش عن منصات أخرى للتعامل بعد إغلاق النافذة التي سُدت. ومن الواضح أن رأياً شعبياً غالباً وجهات داخلية سودانية عديدة أيدت هذا القرار ورأت فيه حالة يقظة كانت غائبة عن الحكومة طيلة الفترة الماضية ونشاط المراكز يتصاعد والمد الشيعي في البلاد يتعاظم، بالرغم من أن ظاهرة التشيُّع لن يكون إغلاق المستشارية الثقافية سبباً في نهايتها أو الحد منها، فانتشار أية مذاهب أو أفكار له ألف باب، وتحصين المجتمع السوداني من ظواهر مثل التشيُّع أو غيرها يبدأ بالتوعية والتبصير والتنوير والحوارات المفتوحة. نقلا عن صحيفة الانتباهة 4/9/2014م