بنسبة المشاركة التي تجاوزت ال70% مقروءة مع عدد الناخبين السودانيية البالغ قدرهم حوالي (16,5 مليون ناخب) مقروءة أيضاً مع ارتفاع نسبة المشاركين من الناخبين السودانيين المقيمين بالخارج والذين فاقت نسبة تصويتهم لصالح الرئيس البشير مرشح الوطني ال 80% بما يجاوز كل التوقعات وفي ظل انعدام تام- اللهم الا حالات نادرة لم تشكل هاجساً بأي قدر- لأية أعمال عنف صاحبت عمليات الاقتراع كما كان يتوقع البعض وكما كانت قد تحوطت لذلك الحكومة السودانية نفسها يمكن القول انه وبكافة المقاييس المحلية والاقليمية والدولية فقد نجحت الانتخابات العامة في السودان نجاحاً كبيراً ولفتاً للنظر. صحيح أن العملية بدأت في يومها الاول- الاحد 11/4- بارتباك وأخطاء فنيةى وادارية هنا وهناك وصحيح أيضاً أن الارتباك أحدث قدراً من الزعزعة ولكن بذات القدر فان المراقبين خاصة القادمين من الخارج لم يتخوفوا ولم يحكموا علي العملية علي الفور بالفشل بل ان مركز كارتر وبعض مراقبي الاتحاد الاوروبي صرحوا في ذات اليوم بأن ما حدث أمر عادي ومألوف في أية انتخابات في أي بلد فهو خلل اداري عادي يمكن ايجاد العذر له خاصة وأن العملية مركبة ولا تخلوا من تعقيد ولم يشهد لها السودان مثيلاً. وصحيح أيضاً أن العملية صاحبتها بعض المواقف غير المحببة من بعض القوي السياسية التي قاطعتها في بعض مستوياتها تحت نزاعم شتي مما أثر علي حمي التنافس بدرجة أودرجتين ولكنه لم يؤثر علي درجة حرارة المنافسة بكاملها فقد قاطع فقد قاطع حزب الامة بزعامة السيد الصادق المهدي وابن عمه مبارك الفاضل والشيوعي بعض المستويات مثل المستوي الرئاسي وبعض الدوائر الجغرافية والنيابية ولكن تبين من خلال نسبة المقترعين الكبيرة أن الاحزاب التي قاطعت لم تستطيع أن تؤثر في نسبة المشاركين من الناخبين المسجلين والا لكانت نسبة المقترعين قليلة ومتدنية للغاية فقد فشلت القوي المعارضة والمقاطعة هذه في حمل منسوبيها علي مقاطعة العملية الأمر الذي يستفاد منه أن قواعد هذه القوي- علي قلتها – لم تستجب لقياداتها وهذا معناه أيضاً – بالنظر الارتفاع نسب المصوتين لصالح البشير – أن هذه القواعد الحزبية قد منحت صوتها للرئيس البشير بما يشير ضمنياً الي أنها سحبت ثقتها – عملياً- من قياداتها. وهكذا وعلي الرغم من ما أوردناه أعلاه فان النظر الاجمالي للمشهد الانتخابي في مجملة يشير الي أن العملية قد نجحت بقدر كبير – وهو ما يعني بالضرورة أن السودان- حتي قبل اعلان النتيجة النهائية- قد وضع قدميه علي أولي عتبات الاستقرار السياسي اذ أن لديه مستويات حكم منتخبية ومسنودة شعبياً وأن القواعد التي مضت علي أساسها العملية سوف تصبح منذ الان هي القواعد المستدامة لمستقبل التداول السلمي للسلطة في البلاد.