المراقب لشأن العلاقات بين أمريكا والسودان يجدها تمتاز بالتأرجح فنوايا واشنطن تجاه الخرطوم تظهر بين الفينة والأخرى في شكل قرارات ضاغطة للسودان، فإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تتبنى نهج سحب البساط من الحكومة وفرض نفسها عبر قرارات غير محايدة، بالإضافة إلى عدم إيفاء الإدارة الأمريكية لوعودها بتطبيع العلاقات مع الخرطوم ورفع اسم السودان من قائمة العقوبات الاقتصادية والدول الداعمة للإرهاب بعد تطبيق الحكومة لاتفاق السلام الشامل والذي أفضى لانفصال الجنوب في يوليو من العام 2011م، إضافة إلى عدم طي ملف الديون والتي تسعى الخرطوم لإقناع المجتمع الدولي بإلغائها بينما تعاني من أزمة اقتصادية جراء خروج عائدات النفط لصالح جنوب السودان ما اضعف الاقتصاد، كل ما سبق يعد مثيراً للشكوك نحو واشنطن والخبر الذي مفاده أن وزير الخارجية علي كرتي "ان اتصال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لم يكن مفاجئاً واعتبره مبادرة لرفع مستوى الاتصال ليصل درجة وزيري خارجية البلدين" يدل على انه لم تكن يوما العلاقة بين السودان وأمريكا علاقة تبادل مصالح ومنافع ولكن سياسة هيمنة وتبعية وان يكون السودان إحدى الدول التي تتبع لسياسة أمريكا وإنها لا تريد حماية المصالح السودانية بل تريد رعاية الحكومات الموجودة فقط حسب رؤيتها. ان تحسين العلاقات مع أمريكا يتطلب رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب وهي ليست مطالب ولابد من القيام بها باعتبارها استحقاقات يتوجب تنفيذها للسودان، فهذا الإجراء كفيل بأن يفتح الباب واسعاً لأية جهود تصب في إطار تحسين العلاقات مع الجانب الأمريكي الذي يؤمن على الحوار الوطني الداخلي الذي أطلقه رئيس الجمهورية بيد أن الجانب الأمريكي على لسان المبعوث الأمريكي دونالد بوث أكد دعم بلاده الحذر لعملية الحوار الوطني التي أطلقها الرئيس عمر البشير في يناير الماضي، قائلاً : "علي الرغم من المبادرات السابقة المخيبة للآمال، يظل الأمل هذه المرة في التزام جاد من الحكومة السودانية بهذه المبادرة رغم الوضع الاقتصادي، وتكاليف استمرار الحروب، بجانب الحراك الداخلي في حزب المؤتمر الوطني الحاكم، والانتخابات المنتظرة كل ذلك قد يهيئ هذه المرة لبعض الانفتاح وإقامة حوار هادف. وبحسب "واشنطن" رسم المبعوث الخاص للسودان وجنوب السودان دونالد بوث خارطة طريق للحوار الوطني والعلاقة مع أمريكا واعتبره طريقاً يقود للأمام نحو حوار قومي يدعو المجموعات المسلحة كافة الى مائدة الحوار الوطني ويسهم في إنهاء النزاعات واستئناف المحادثات الأمنية للوصول لوقف العدائيات وتمرير العون الإنساني في المناطق المتنازع عليها "المنطقتين ودارفور" بجانب عقد اجتماع يتكون من ممثلي الحكومة والمعارضة بشقيها الاثنين حاملي السلاح وغير الحاملة للسلاح والقطاعات كافة التي انخرطت ووافقت على الحوار إضافة لإثبات حسن النيات وتعزيز الثقة والذي يتم عبر إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وتنفيذ البنود المتعارف عليها مثل حرية التعبير ووقف إطلاق النار،وعز بوث ان هذه هي أفضل الطرق التي تؤمن قيام حوار وطني جامع وقومي صادق وجاد ينعم بدعم المجتمع الدولي، مؤكداً "بوث" أن العلاقة وتطبيعها بين السودان وأمريكا تتوقف على تسوية النزاعات الداخلية ودعم الحكم الديمقراطي وتحسين بيئة ما وصفهم بالمهمشين والاهتمام بقضاياهم. اجمع عدد من المراقبين للعلاقات بين السودان وأمريكا ان الأخيرة تتبنى اتجاه ان يعقد الحوار الوطني في الخارج باعتبار ان ذلك الضمانة الوحيدة للحركات غير الموقعة على السلام، وأن حديث المبعوث الأمريكي "مبطن" وأكد المراقبون أن ذلك سيأتي في مرحلة قادمة وإنها دعوة واضحة للحركات حتى لا تقبل بحوار داخلي والهدف إن ذلك هو إحكام أمريكا السيطرة على مجريات الأحداث الداخلية بالسودان. ويؤكد ذلك حديث بوث الذي قال : إن الحوار الوطني دعا لأساسيات مهمة والتأم حوله أطياف المجتمع كافة ولا زال الفرقاء تتم دعوتهم للانخراط في الحوار لأجل الوطن والمصلحة العامة بهدف الاستقرار السياسي والأمني والغذائي والتعليمي والصحي وان تكون أمريكا من ضمن الداعمين له شأنها شان الدول الأخرى بتسهيل وإخراج السودان من معضلة العقوبات المفروضة عليه والتي قد تقف حجر عثرة بعد ان جددت الولاياتالمتحدةالأمريكية عقوباتها الاقتصادية على السودان بيد أن الحكومة السودانية قللت من شأن القار التهديدي. ويظل موقف الولاياتالمتحدة غريباً متأرجحاً ينحاز مرة للحوار ويفاجئ بقرارات مغايرة لا تصب في مصلحة السودان. نقلاً عن صحيفة الصحافة 3/11/2014م