حملت صحف الأحد الماضي تناقضات واضحة من تلقاء قادة الحركة الشعبية بشأن مسودة مشروع قانون الاستفتاء قيد النقاش والذي بموجبه سيتم التصويت على تقرير مصير اقليمجنوب السودان في مطلع العام 2011. التناقضات تمثلت في تصريحات (نارية) تعودها المراقبون من أمين عام الحركة الشعبية باقان أموم قال فيها انه لم يحدث مطلقاً أي اتفاق بشأن مسودة قانون الإستفتاء بين حركته وشريكها المؤتمر الوطني، وفي ذات الوقت، وذات الصحف قال زعيم الحركة الشعبية النائب الأول للرئيس السوداني الفريق أول سلفاكير ميارديت وهو يتأهب لزيارة العاصمة المصرية القاهرة ان الخلافات الناشبة بين الشريكين بشأن المسودة (بسيطة، ويجري حلّها)! التناقض الأول في تصريح باقان أموم أنه نفى وعلى نحو قاطع وجود اتفاق من الأساس حول مسودة القانون بين الشريكين! ومكمن التناقض هنا، أن أموم نسخ تصريحات أدلى بها قبل أيام نائب رئيس الحركة ونائب رئيس حكومة الجنوب الدكتور رياك مشار قال فيها الأخير انه ونظيره الأستاذ علي عثمان محمد طه نائب الرئيس السوداني توصلا إلى اتفاق بشأن مسودة القانون بحيث يكون النصاب المقرر لإجراء التصويت ثلثي الناخبين الجنوبيين، وأما إعتماد نتيجة التصويت فيرتكز على الأغلبية البسيطة والتي تعرف عادة ب(50%) + 1 . وليس من المعقول بالطبع ولا من المنطقي أن ينسخ أمين عام الحركة تصريحات نائب رئيس الحركة، فالأخير يعلو تنظيمياً وسياسياً على الأمين العام الأمر الذي يشير الى أحد أمرين، فإما أن هناك خلاف عميق بين قادة الحركة بشأن القضايا المطروحة كافة وظهرت وطفت الآن على السطح بمناسبة مسودة القانون، واما أن الجانب التنظيمي والقواعد المتعارف عليها من حيث التراتبية التنظيمية مضطربة داخل الحركة بحيث يلغي الأقل درجة قرارات الأعلى درجة هكذا بوضوح ودون مواربة. وفي الحالتين فإن الأمر يثير قلقاً كبيراً للغاية يصعب السكوت عليه في حركة تتلمس طريقها نحو السلطة وتواجه استحقاقاً انتخابياً واستفتاء على تقرير مصير. أما التناقض الثاني فهو ان زعيم الحركة يقول ان الخلافات حول القانون (بسيطة ويجري حلّها) في حين أن أمينه العام يقول في ذات الوقت انها خلافات لم يتم حلها أصلاً وعميقة ومن الممكن أن تقود الى كارثة، وعرقلة لمسيرة الشراكة والعملية السلمية.وفي الحالتين أيضاً، حالة د. مشار، وحالة الفريق كير في مقابل أموم يبرز الخلاف العميق على مستوى القادة داخل الحركة، فأموم لم يتورع عن (تكذيب) كل ما قاله نائب الرئيس علي عثمان محمد طه ود. مشار نائب رئيس الحركة بشأن التوافق حول المسودة وهذا كله يشير الى أن الرجل بدأ وكأنه يقاتل على جبهتين، جبهة حركته وداخلها حيث يخالف قادته ورؤسائه وجبهة شريكهم المؤتمر الوطني. وعلى كلٍ فإن أسطع ما يكشف عنه هذا الموقف أن هنالك (أجندة) واضحة لأمين عام الحركة، ولعبة خاصة به، ومرامي وأهداف لا تحتاج الى كبير عناء لادراكها!!