يعد ما يسمى باتفاق (نداء السودان) الذي وقع عليه تحالف المعارضة والجبهة الثورية وحزب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي في أديس أبابا، بمثابة تكتل للحركات المتمردة والمعارضة الرافضة للحوار، وهو محاولة لخلق تباعد بين الأطراف لعرقلة التوصل إلى إجماع بين أهل السودان وجلوسهم في حوار جامع، وهو كذلك محاولة من المعارضة لإثناء الحكومة عن الحوار الوطني الذي دعا له رئيس الجمهورية ووافقت عليه القوى السياسية الأخرى، فالحوار مسؤولية الحكومة وجددت عدم تنازل الحكومة عنه والاستمرار فيه مع من يرغب، والاتفاق الأخير ليس هو التكتل الأول وسبقته تكتلات أخرى كثيرة، وهي دليلا على رفض المعارضة لمبدأ الحوار،فما تم من اتفاق يوضح أن هذه الكيانات لا ترغب في الحوار ولا السلام، مؤكدة أن الإرادة القوية لأهل السودان كفيلة بتحقيق السلام. الشواهد تقول أن هناك فصائل مختلفة من المعارضة وقعت بيانات مشابهة وتفاهمات مشتركة خلال السنوات القليلة الماضية، وقد نشط حزب الامة القومي مؤخراً على وجه الخصوص في هذا الاتجاه، فوقع إعلان باريس مع الجبهة الثورية في أغسطس الماضي، كما وقع زعيم الحزب الصادق المهدي تفاهما مشتركا مع رئيس قوي الإجماع الوطني فاروق ابو عيسى بعد ذلك بقليل. كانت كل تلك التفاهمات تنص على المبادىء العامة التي لا خلاف حولها من الناحية النظرية حتى مع الحكومة ، مثل ضرورة وقف الحروب والإسراع ببناء دولة المواطنة وغيرها. وهو أمر جعل المراقبون يتساءلون عن ما هو الجديد الذي يحمله نداء السودان هذه المرة؟ فنداء السودان كما يصفه مراقبون هو ( حلف غير مقدس)مصيره الرفض والركل من السودانيين، لذا فإنه مصيره هو ذات مصير ما وقِّع من قبل، الناظر إلى بنود نداء السودان يجدها ذات البنود وذات الأحلام التي ظلت تراود كهول وسفاء المعارضة وإدعياء النضال وهي ذات العبارات ذات الرنين الإنشائي المحض، تلك التى لا تقدم ولا تؤخر والتي جاءت في متون إتفاقيات سابقة كالتجمع الديمقراطي وكتجمع اسمرا والفجر الجديد ووثيقة باريس وغيرها من الاتفاقات المحنطة ولذلك فإن من الطبيعي أن (لا يؤثر) ولا يمس إتفاق نداء السودان على الرغم من أن سابقته وثيقة باريس قد ماتت وشبعت موتاً بمعاول القوى السياسية نفسها التى سارعت بنفي صلتها بها حين حاصرها الجمهور السوداني وأدمى معصمها بقيده المتين. عموما فالاتفاقات المحنطة والتي ظلت تنتجها قيادات المعارضة الهرمة تؤكد إن الأزمة التى يعيشها تحالف المعارضة الذي يطلق على نفسه -(تندراً)- قوى الإجماع الوطني بجانب إدعياء النضاء بالجبهة الثورية يؤكد بأن هذه الأجسانم أضحت (مكب نفايات سياسية) ومحطة تدوير سياسية لأيدلوجيات بالية فاقدة لصلاحية الاستعمال الآدمي والمؤسف والمؤلم هنا معاً أن هذا التحالف لم يثب بعد الى رشده ولم يتخل عن استيراد هذه الأفكار والتي يطلقها أناس أبعد ما يكونون عن الواقع السياسي السوداني بكل تعقيداته وتفاصيله، ومن المؤكد أن الفرصة إذا سنحت لهؤلاء لحكم السودان فإن الحكم ستكون قاعدته في الخارج وقياداته فى مستنقعات أديس أبابا المظلمة، وعليه فإن يمكن القول إن مشروع المعارضة السودانية في هذه المرحلة بالذات، هو مشروع يعاني أمراضاً معقدة، وضعفاً حاداً، السبب فيه غياب الرؤية الواضحة للمشروع البديل للحكومة الحالية..بجانب عدم توافر اتفاق على المواقف وخطط العمل بين العناصر الحزبية المكونة لتحالفات المعارضة.. بالإضافة إلى الإشكالات البنيوية في الداخل التنظيمي لتلك الأحزاب، زد على ذلك الخلافات والصراعات التي ضربت ولازالت قيادات هذه الأحزاب وهو واقع يؤكده قوله تعالى :( تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى)