قالت المدعية في المحكمة الجنائية الدولية الجمعة إنها حفظت تحقيقا في جرائم حرب في دارفور لعدم تحرك مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للضغط من أجل اعتقال المتهمين للمثول أمام المحكمة. هكذا زعمت مدعية الجنائية لكن الواقع يقول إن قرار المحكمة الجنائية الدولية وقف تحقيقاتها حول الجرائم المرتكبة بدارفور دليل على فشلها، و"استسلاما" من المحكمة لإرادة الشعب.فاتهامات المحكمة كانت محاولة للتركيع والذل، لكن الآن رفعت يديها واستسلمت".و"فشل المحكمة ليس لأن الحكومة رفضت التعاون معها، بل لأن الشعب السوداني هو من رفض ذلك"، فالمحكمة "مسيسة وأداة استعمارية موجهة ضد الأفارقة". ومما يستفاد من قرار فاتو بحفظ ملف دارفور والبشير هو إنّ الدول التى لم توقع بعد على ميثاق المحكمة وخاصة الدول العربية والأفريقية وبعض دول أمريكا الجنوبية سوف تنظر للمحكمة كمصرد خطر على أمنها السياسي و الإقتصادى فلذلك لن تقدم على خطوة الإنضمام فى المستقبل القريب أو البعيد. وعليه يمكن أن نتنبأ بعدم زيادة أعضاء المحكمة فى المستقبل وبالتالى ستظل هذه المحكمة كجسم غريب فى النظام العالمى حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا.كما إنّ الدول التى وقّعت على ميثاق المحكمة لها إلتزامات وتحالفات إمّا إقليمية أو إثنية أو عقائدية تضغط عليها وتسير بها فى إتجاه معاكس لاتجاه المحكمة. ونضرب لذلك مثلا بدولة الأردن وهى واحدة من ثلاث دول عربية أعضاء فى هذه المحكمة، ولقد صوتت الأردن ضد القرار فى إجتماع مجلس الوزراء العرب الذى إنعقد بعد صدوره. وستصوت ضد القرار مرة ثانية إذا إجتمعت منظمة الدول الإسلامية وأدانت القرار. ومثل هذه المواقف ستخلق إشكالية إلتزام بين المحكمة والأردن كعضو فيها!! وبالطبع لا أحد يتوقع أو يتصور أن تقوم الأردن أو الصومال أو جيبوتى بتسليم الرئيس البشير لأنّهن أعضاء فى جامعة الدول العربية وميثاق الجامعة لا يسمح بذلك. ولهذا فإنّ القرار سيحرج الدول الأعضاء فى المحكمة نفسها، ونفس الذى قيل عن الأردن يقال عن الدول الأفريقية الموقعة لإتفاق روما وفى نفس الوقت تحتفظ بعضوية فى الإتحاد الأفريقى. ولعل ردود الفعل التى جاءت من أمريكا الجنوبية بقيادة فنزويلا تدل على أنّ المحكمة لن يكتب لها البقاء طويلا. و لن يقوم مجلس الأمن فى المستقبل بتحويل ملف أى دولة لم توقع على إتفاقية روما إلى هذه المحكمة، ولقد كان تحويل ملف السودان فلتة لن تتكرر. والشاهد على ذلك هو الخلاف الذى حدث فى مجلس الأمن بالأمس بقيادة الصين وروسيا على الإقتراح الفرنسى لإصدار بيان يدين السودان بسبب طرده لبعض منظمات الإغاثة الدولية، كما أنّ خوف الولاياتالمتحدة على قادة إسرائيل سيقفل باب مجلس الأمن أمام هذه التحويلات. وبالتالى ستفقد المحكمة القدرة على التدخل فى شئون البلاد غير الموقعة لأنّ مجلس الأمن لن يحيل إليها ملفات تلك الدول. وهكذا ستنحصر فاعلية المحكمة فى الدول الأعضاء فقط وستفقد هيبتها الدولية بمرور الزمن وستموت موتا تدريجيا. و كشفت المحكمة عن حقيقة هامة وهى أنّ المحكمة لا تمتلك آليات لتنفيذ قراراتها. عموما فالمجتمع الدولي ومجلس الأمن مطالب لإعادة النظر في القرار 1593 الخاص بإحالة السودان للمحكمة الجنائية الدولية، والاعتراف بالمجهودات الكبيرة التي تبذلتها وبالتقدم الكبير المحرز على الأرض في دارفور بعد إبرام اتفاقية الدوحة.فإعادة النظر في قرار الإحالة مطلوب لدعم لمجهودات السلام والتنمية التي بدأت تؤتي ثمارها في دارفور.والشواهد أكدت صحة موقف السودان القانوني السليم من حيث عدم انعقاد أي اختصاص للمحكمة الجنائية الدولية على السودان بحسبانه ليس طرفاً في نظامها الأساسي، كما أن قرار مجلس الأمن رقم 1593 الخاص بإحالة السودان للمحكمة الجنائية يناقض بوضوح أحكام اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة 1969م.وقرار المدعي بالمحكمة الجنائية الدولية بالقبض على رئيس دولة، وهو على سدة الحكم ينافي ويجافي القواعد المستقرة في القانون الدولي، وسوابق محكمة العدل الدولية المتعلقة بحصانة رؤساء الدول".والسودان سيظل ملتزماً بمواصلة المساعي مع شركاء السلام والتنمية لتحقيق واستدامة الاستقرار والسلام والتنمية في دارفور وكافة ربوع السودان عبر الحوار الوطني الجاد والبناء مع القوى السياسية كافة بالبلاد.