وديع عوادة: الناصرة «لقدس العربي»: رغم توقعاتها فوجئت إسرائيل بسرعة صدور قرار عن محكمة الجنايات الدولية بتحقيق أولي للشكوى الفلسطينية بشأن ارتكاب اسرائيل جرائم حرب خلال عدوانها الأخير على قطاع غزة. وحمل رئيس إسرائيل رؤوفين ريفلين على المحكمة الدولية، واعتبر قرارها انتهاكا ساخرا للقانون الدولي، مهددا هو الآخر بمواصلة استخدام القوة تحت غطاء «الدفاع عن النفس». وقبيل جلسة الحكومة الأسبوعية شن رئيسها بنيامين نتنياهو حملة شرسة على «الجنايات الدولية» واعتبر قرارها ذروة نفاق غير مسبوق وقلب العدالة رأسا على عقب. بل ذهب للقول إن القرار يمنح الشرعية ل «الإرهاب الدولي» الذي يحظى الآن برعاية دولية. وتوعد المحكمة بكل الوسائل، لافتا ا سعيه تجنيد أطراف أخرى لتكافح ما سماه «هذه السخافة» لمكافحة هذه الظاهرة. وتابع تهديده «لن نسمح بمثول جنود جيش الدفاع أمام المحكمة الدولية. أود أن أقول أيضا إن هذه الخطوات لن تردعنا من اتخاذ كل ما يطلب من أجل الدفاع عن إسرائيل ومواطنيها». وفي محاولة انتقامية من الجانب الفلسطيني قال أيضا إنه من جملة ردود فعل إسرائيل على انضمام الفلسطينيين إلى الجنايات الدولية تعزيز الهجرة إلى البلاد كيهود فرنسا ويهود الدول الأوروبية واليهود في كل مكان. تراجيديا ساخرة وكشفت صحيفة «هآرتس» ان نتنياهو طلب من وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، تجنيد الإدارة الأمريكية ضد قرار محكمة الجنايات الدولية. ونشرت الإدارة الامريكية بيانا أعلنت فيه رفضها لقرار النائبة العامة للمحكمة الدولية، بادعاء «أن فلسطين ليست دولة، ولذلك ليست مؤهلة للانضمام إلى المحكمة الدولية». واعتبر البيان انه من «التراجيديا الساخرة ان يتم التحقيق مع إسرائيل وقد تعرضت لآلاف الصواريخ التي اطلقها الارهابيون على مواطنيها». وأضاف «أن الطريق لحل الخلاف بين الجانبين هو بالمفاوضات المباشرة وليس بالخطوات أحادية الجانب». ضغوط أمريكية وقالت مصادر سياسية امس، إن أعضاء في الكونغرس الامريكي يعملون على دفع مبادرة لوقف تحويل أموال المساعدات الأمريكية إلى السلطة الفلسطينية في اعقاب القرار. وسيصل إلى إسرائيل، هذا الاسبوع، وفد برئاسة السيناتور جون مكين لمناقشة التطورات. وكان نتنياهو قد بعث قبل عدة ايام برسائل لعدد من الزعماء، بينهم الرئيس الامريكي باراك اوباما، والمستشارة الألمانية انغيلا ميركل، ورئيس الحكومة الاسترالية توني ابوت، ادعى فيها أنه «بعد سبعة عقود من الكارثة يوجه الفلسطينيون بصفاقة اصبع الاتهام إلى إسرائيل الديمقراطية التي تتعرض إلى التهديد في العالم». وكتب نتنياهو في رسالته انه «بدل شجب الأنظمة الطاغية التي تنفذ مذابح جماعية ضد مئات آلاف المدنيين الأبرياء، فإنهم يتهموننا، نحن الدولة التي تحارب منذ يومها الأول جرائم الحرب. بالإضافة إلى ذلك فإن المطلب الفلسطيني بتقديم إسرائيل إلى المحاكمة في المحكمة الدولية يعتمد على الأكذوبة بأنه لا توجد في إسرائيل منظومة قضائية تؤدي مهامها بشكل مناسب. حل المحكمة وانضم له في التحريض على الجنايات الدولية وزير الأمن موشيه يعلون معتبرا قرار المحكمة «منافقا»، فيما قال وزير الخارجية آفيغدور ليبرمان، بأنه سيعمل على حل المحكمة الدولية. واعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية قرار المحكمة الدولية «بالغ الأهمية وحيويا جدا»، واعلنت انها ستتعاون مع المحكمة. وقال مسؤول فلسطيني لصحيفة «هآرتس» إن السلطة قررت الرد بضبط للنفس على قرار المحكمة، لأن المقصود خطوة مطلوبة بعد توقيع السلطة على معاهدة روما التي تعمل المحكمة بموجبها. لكن بعض الأوساط تعتقد أن ضبط النفس الفلسطيني مرده الضغط الدولي، والرغبة بعدم المس بالاتصالات الجارية لإعادة تقديم مشروع قرار فلسطيني إلى مجلس الأمن يطالب بإنهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية. وقالت مصادر فلسطينية إن بعض الدول العربية طلبت من الفلسطينيين عدم التوجه إلى مجلس الأمن حاليا كي لا تعزز اليمين الاسرائيلي في فترة الانتخابات. أمريكا في العراق وأفغانستان وفي هذا السياق كتب موقع «واللا» أن وزارة القضاء الإسرائيلية كانت تتوقع صدور بيان عن محكمة الجنايات الدولية بشأن فتح التحقيق الاولي في الشكوى الفلسطينية لكنها فوجئت بالتوقيت وبصدور البيان بهذه السرعة. وأعلنت المحكمة ان التحقيق هو اجراء يتحتم القيام به فور تلقي طلب ما، وان المقصود ليس تحقيقا، وإنما دراسة المعلومات القائمة تمهيدا لاتخاذ قرار بشأن فتح تحقيق ام لا. وأثار بيان النائبة العامة في المحكمة تخوف إسرائيل، ولكن من غير المؤكد أن هذا التخوف مبرر حسب خبير إسرائيلي. ونوه الخبير القانوني ل « والا» إلى ان إجراءات الفحص يمكن أن تستغرق فترة طويلة، وهناك اجراءات مشابهة تجري ضد الولاياتالمتحدة حول عملها في افغانستان، وضد بريطانيا حول عملها في العراق. وقبل أن يتم إجراء الفحص سيتم طرح السؤال حول الصلاحية. ويمكن لإسرائيل الادعاء بأن السلطة الفلسطينية ليست دولة من ناحية القانون الدولي.