الآن ومن واقع نتائج الانتخابات، نجد أن المؤتمر الوطني فطن لهذا الأمر من أول تجربة إنتخابية عامة، ودفع بقياداته الرفيعة من العمل التنفيذي في المناصب الدستورية (وزراء) ليصبحوا نوابه في البرلمان الجديد، والذي سيتمتع فيه بأغلبية مطلقة بحسب ماتواتر من نتائج في سباق الدوائر القومية، نحو البرلمان. وقد لا يشغل عدد من هؤلاء القادة مناصب وزارية رغم عدم وجود ما يمنع الجمع بين عضوية البرلمان والمنصب التنفيذي بحسب الدستور، وبالرغم من وجود تجارب سابقة في برلمانات الديمقراطية الأولى والثانية والثالثة، وكذلك برلمان الفترة الانتقالية السابقة كان فيه عدد مقدر من الوزراء أعضاء في البرلمان داخل نسبة الشريكين في المقاعد. ولكن مصادر قيادية بالمؤتمر الوطني أكدت أن هنالك تغييرا كبيرا سيصاحب الحكومة الجديدة، وأشارت في حديثها ل«الرأي العام» الى أن المنهج في المرحلة القادمة هو تقوية جيل الشباب داخل الأجهزة التنفيذية، لتتفرغ القيادات التي تعتقت سياسياً في المرحلة السابقة، للعمل التنظيمي. وقالت: سيكون هنالك تعديل كبير في مظهر وجوهر المؤتمر الوطني فيما يتعلق بتقلّد المناصب الوزارية، أما فيما يتعلق بأمر الحكومة القومية وهو المنحى الثاني الذي تحدث حوله المراقبون بشأن دخول معظم قيادات الوطني البرلمان، فقد إستبعد ذات المصدر الذي تحدث ل «الرأي العام» أن يكون دخول اعضاء الحكومة السابقة البرلمان هو تفريغ للوزارت لوزراء جدد من أحزاب المعارضة في حال تشكيل حكومة قومية، حيث أكد أن الوطني أصدر قراراً مؤسسىاً رافضاً لتشكيل أية حكومة قومية وإنما هي حكومة رئاسية منتخبة قابلة للمشاركة من أحزاب أخرى بتعيين من رئيس الجمهورية غير تلك التي قاطعت الانتخابات، سواء أكان قبل إنتهاء فترة سحب الترشيحات أو بعدها. وكل ما سبق من قراءات يشير الى أن الوطني سيركز في المرحلة القادمة - أسوة بوطني جنوب أفريقيا- على تمتين البناء التنظيمي إعداداً للانتخابات المقبلة، فقيادات الوطني حينما خاضت الإنتخابات الحالية كانت تعلم تماماً أن منافسي حزبها، جاءوا من فترة ركود دامت لأكثر من عقدين من الزمان، الأمر الذي جعل الوطني أكثر إستعداداً من غيره للانتخابات وهذا ما لن يتاح له في الدورات القادمة التي دون شك لن تقف فيها أحزاب المعارضة مكتوفة الأيدي، وستعمل بكل قوة خلال السنوات الخمس القادمة على تجاوز الأخطاء الإجرائية التي وقعت فيها أثناء مراحل العملية الانتخابية، والتنظيمية التي واجهت كياناتها، فهذه الأحزاب بدأت، في وقت متأخر قبل الانتخابات بقليل في إعادة بنائها التنظيمي والتذكير لجماهيرها بأنها موجودة، الأمر الذي جعل البلاد تشهد حراكاً سياسياً متقدماً عن ذي قبل، ولكنه غير كافٍ لخوض معركة انتخابية يتقدمها حزب توافرت له فرص الحياة السياسية أكثر من غيره. وما يؤكد هذا المذهب تصريحات بروفيسور إبراهيم غندور أمين التعبئة بالمؤتمر الوطني حينما قال إن حزبه بدأ في الترتيب للانتخابات المقبلة وشكل لجاناً متخصصة لهذا الشأن. نقلا عن صحيفة الراي العام السودانية 27/4/2010م