مواصلة لمشوار حوار العلاقات السودانية الأمريكية الذي ابتدرته الخرطوم وواشنطن من خلال زيارتي وزير الخارجية علي كرتي ومساعد رئيس الجمهورية بروفيسور إبراهيم غندور، نائب رئيس المؤتمر الوطني لشؤون الحزب، في محاولة للوصول إلى محطة إرجاع المياه إلى مجاريها، برفع العقوبات الأمريكية الأحادية على السودان ورفع اسمه من قائمة الإرهاب والتعامل المباشر بين البلدين، مواصلة لهذا المشوار جاءت زيارة مسؤول أمريكي هو ستيفن فلدستاين نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لحقوق الإنسان والديمقراطية، وهي زيارة معلنة الوقوف على أوضاع حقوق الإنسان في السودان المتعلقة بالحريات والأوضاع الإنسانية والديمقراطية، باعتبار اختصاص المسؤول الأمريكي، وبدأت مباحثات فلدستاين بالخرطوم الاثنين الماضي وسط أجواء متفائلة بأن تحدث اللقاءات المباشرة بين المسؤولين السودانيين والأمريكان اختراقاً يضع علاقات الخرطوم وواشنطن في مسار جديد وعلاقة متوازنة. نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لحقوق الإنسان التقى من الجانب الحكومي السوداني، وكيل وزارة الخارجية عبد الله الأزرق، ووكيل وزارة العدل مولانا عصام الدين عبد القادر في إطار المباحثات بشأن حقوق الإنسان والديمقراطية، وطلب المبعوث الأمريكي من وزارة الخارجية مقابلة فاروق أبو عيسى رئيس الهيئة العامة لتحالف الإجماع الوطني المعارض الذي تجري محاكمته حاليا هو ود. أمين مكي مدني رئيس كونفدرالية منظمات المجتمع المدني ورفاقهم الموقوفين لدى السلطات، لكن جاء رد وكيل وزارة الخارجية بأن طلب مقابلة أبو عيسى ومدني وفرح العقار ستتم إحالته الى جهة الاختصاص. وفي لقائه مع مسؤولين بوزارة العدل، استفسر ستيفن فلدستاين قيادات وزارة العدل حول أوضاع حقوق الإنسان والممارسة السياسية بالبلاد، وقال مولانا عصام عبد القادر وكيل وزارة العدل في تصريحات عقب اللقاء، أن المسؤول الأمريكي تلقى تنويراً عن التشريعات المنظمة لحقوق الإنسان في مقدمتها الدستور والقوانين والآليات الخاصة بضمان تعزيز وحماية حقوق الإنسان، وأكد ضمان القوانين والتشريعات لكافة حقوق الإنسان سواء كانت مدنية أو سياسية أو اجتماعية، وقال مولانا عصام إن المسؤول الأمريكي طلب التعرف على أوضاع حقوق الإنسان والممارسة الديمقراطية والحريات المتاحة سواء كان في مجال حرية التعبير والصحافة وحرية الممارسة السياسية، فضلاً عن القوانين التي تضمن عدم الإفلات من العقاب. واعتبر الوكيل الاجتماع مهماً لجهة أنه يتيح للمسؤول التعرف على الأوضاع في السودان على ارض الواقع بدلا عن تقييمها بناء على تقارير ترد للإدارة الأمريكية في كثير من الأحيان وتكون ذات أجندة وأغراض. وأوضح عصام أن الوزارة طلبت بوضوح من مساعد وزير الخارجية الأمريكي نقل ما يلمسه من السودان بصدق سواء في الممارسة السياسية أو أوضاع حقوق الإنسان ومن خلال اطلاعه على التشريعات والآليات التي تضمن الممارسة الحرة والشريفة والشفافة التي تضمن الحقوق، وقال عصام إن اللقاء لم يتطرق الى اعتقال أبو عيسى وأمين مكي باعتبار إنهما لم يعودا معتقلين وإنما متهمان في بلاغ جنائي حول إلى المحكمة، وأكد أن كافة الإجراءات تمت وفقاً للقانون بعيداً عن الإجراءات الاستثنائية، وفيما يتعلق بطلب المبعوث أفاد الناطق باسم هيئة الدفاع عن أبو عيسى ومدني بأن جلسة المحكمة أمس الأول حضرها عدد من أعضاء الوفد المرافقين للمبعوث وقال : "مقابلته لأبو عيسى ومدني أمر يقرر فيه القاضي". وبما أن وضع الحريات الصحفية في السودان محل اهتمام أمريكي – بحسب المبعوث فلدستاين – فإن مقابلة أهل الصحافة كانت أحدى اللقاءات المهمة التي قام بها، حيث قال فلدستاين أنه سعى للتعرف على وضع الحريات الصحفية ودرجة تطبيقها في السودان وأضاف : "أنها من القضايا المهمة لأمريكا". ولذلك تم لقاء بينه ورئيس المجلس القومي للصحافة والمطبوعات البروفيسور علي شمو في لقاء قال عنه شمو أنه اتسم بالصراحة. وأنه نقل معلومات من الدرجة الأولى، وأضاف بأن زيارة المبعوث تمكنه من الاطلاع على أوضاع السودان بصورة أفضل من الصورة المنقولة عبر وسائل الإعلام العالمي وتابع شمو، من غير المصلحة أن نثير الرأي العام العالمي بإجراءات غير مفيدة. ووعد رئيس مجلس الصحافة بتحسين وضع الصحافة والحريات في البلاد. وتشمل زيارة نائب مساعد وزير الخارجية لحقوق الإنسان والديمقراطية بالخارجية الأمريكية، كما خطط لها، زيارة دارفور والنيل الأزرق ويلتقي مسؤولين في حقوق الإنسان والأحزاب السياسية ومفوضية الانتخابات، الا انه التقى امس الاول بتحالف قوى الإجماع الوطني المعارض، مواصلة لمشوار حقوق الإنسان بعد أن التقى الجانب الرسمي الحكومي وكان لابد له ان يقف على الأوضاع الإنسانية من زاوية أخرى وتحديداً زاوية المعارضة، وقد تم لقاء بين المبعوث الأمريكي وأعضاء من تحالف قوى الإجماع للاطلاع على موقف المعارضة وآرائها فيما يتعلق بحقوق الإنسان في البلد، وتحدث ابوبكر يوسف مسؤول الإعلام بحزب المؤتمر السوداني ل(الرأي العام) أمس بشأن ما تم تداوله خلال لقاء المبعوث وقال :" اللقاء الذي تم عرضنا فيه عدداً من الموضوعات وكان أولها الانتخابات التي قدمنا رؤيتنا الكاملة بعدم المشاركة فيها لوجود تجاوز واضح فيها لان المؤتمر الوطني جعلها أمراً واقعاً برغم ان كل التصورات كانت تتحدث عن الانتخابات ستأتي بعد الحوار – حسب ابوبكر – وأضاف ابوبكر : "تطرقنا أيضا للحوار الوطني واشترطتنا بأننا لن نشارك ما لم تحدثن تهيئة مناخ بشروطنا الأربعة وهي القوانين المقيدة للحريات والجدية في التحول الديمقراطي وإيقاف الحرب وتقديم المساعدات علاوة على إطلاق سراح المعتقلين. وأكدنا للمبعوث أن الأزمة السياسية الحالية حلولها أولها حكومة انتقالية يشارك فيها الجميع، وتابع ابوبكر تحدثنا أيضا معه حول التراجعات التي حدثت مؤخراً ابتداء من ما قامت به الحكومة تجاه من وقعوا على نداء السودان حتى وصل بهم الأمر الى محاكم الإرهاب. علاوة على التصعيد العسكري الذي تم مؤخراً، ومن أهم المواضيع التي عرضناها على الخبير الأمريكي هي التعديلات الدستورية. ويبدو أن أمريكا حريصة على الإلمام بملف السودان الإنساني مفصلا لأنها ستكون حضورا في مؤتمر برلين المزمع عقده اليوم، وقد علمت (الرأي العام) أن المبعوث تقدم أمس الأول بطلب الى النيابة لمقابلة المعتقلين في الحبس، إلا انه على الأرجح لم يصله الرد حول إمكانية المقابلة من عدمها. ولم تنته مهمة المبعوث عند مقابلة المعارضة فقط، وإنما مضى ليلتقي ضمن سلسلة اللقاءات التي بدأها بالخرطوم، بمفوضية حقوق الإنسان بالبلاد مستفسراً عن أوضاع حقوق الإنسان وطالب بمده بتقارير حول قضية منطقة تابت بولاية شمال دارفور ومزاعم الاغتصاب الذي تم لنساء في المنطقة، وقدم ستيفن استفسارات عن أوضاع حقوق الإنسان في السودان، لكنه ركز أسئلته حول قضية تابت، وأكد في تلك اللقاءات الدور الأمريكي في دعم الحريات الصحفية والحوار والانتخابات. نقلاً عن صحيفة الرأي العام 25/2/215م