رفض الانتخابات والدعوة لمقاطعتها يعتبر أمر غريب من أي قوى ترغب في دعم وتكريس الممارسة السياسية السلمية، فالانتخابات هي الركيزة الأساسية لاستقرار الحكم وبالتالي استقرار الدولة، وهي الوسيلة الوحيدة العادلة لإتاحة فرصة المشاركة في الحكم بصفة خاصة والحياة السياسية بصفة عامة.. كل القوى السياسية في العالم تحرص على الانتخابات وتتمسك بها ليتم تداول السلطة سلمياً ووفق إرادة الجماهير. تشير تجارب الدول الى أن المعارضة التي تتطلع إلى الوصول للحكم تحرص على قيام الانتخابات في مواقيتها، تطالب بها واحياناً تدعو لانتخابات استثنائية أدراكاً منها أن هذه هي الوسيلة الانسب للمنافسة ومن ثم الفوز بالسلطة.. هذا الحال ينقلب في بلادنا عند بعض الاحزاب فترفض منهج الانتخابات، ولا ندري هل رفض الانتخابات يعتبر لدى اولئك جزءاً من أداء المعارضة أم ماذا؟.. علي كل حال، مسيرة السياسة في بلادنا توضح أن هناك أحزاب لا تثق (فيما نعتقد) في مقدرتها الجماهيرية فتحاول البعد عن المنافسة الانتخابية.. حدث ذلك بعد ثورة اكتوبر حينما حاولت احزاب ويبدو أنها ذات الاحزاب واشخاص يبدو انهم ذات الاشخاص تأجيل الانتخابات!.. ونذكر ايضا ما حدث عقب انتهاء الفترة الانتقالية بعد انتفاضة ابريل اذ طلبت بعض الاحزاب من حكومة المشير سوار الدهب مد الفترة الانتقالية الا انه رفض حرصاً على تسليم السلطة.. صحيح، ربما كانت هناك مبررات آنذاك لأن الاحزاب كانت تلملم اطرافها وترتب حالها بعد غياب عن الساحة لمدة فاقت العقد والنصف. نقول اذا كان هناك ما يبرر ذلك في بعض الفترات، فرفض الانتخابات الآن لا يوصف الا بأنه موقف ضد الديمقراطية، حيث أن الانتخابات معلومة منذ اجازة دستور 2005/.. ان رفض الانتخابات والدعوة لمقاطعتها شئ غير معتاد، بل المعتاد أن تكون هناك مطالبة بضمان شفافيتها وحياد اجراءاتها ونزاهة خطواتها وعموم مراقبتها. صحيح ان هناك احزاب ترى انه من الصعب منافسة المؤتمر الوطني الا ان ذلك لا يبرر مناهضة تأسيس جوهر الحياة الديمقراطية وهي ثقافة الانتخابات.. ان العمل على تهيأة حياة سياسية معافاة اهم من أن يكون ذلك الحزب فائزاً وذاك خاسراً، فالديمقراطية دورات تتواصل وسلطة تتداول. نقول للذين يدعون لمقاطعة الانتخابات راجعوا موقفكم فلا يليق بأي قوى سياسية أن تعمل لتعطيل اهم عناصر الحياة الديمقراطية، كما لا يجوز هدم أهم مقاصد الانتخابات وهي تسوية الخلافات بل الصراعات السياسية بالطرق السلمية، خاصة وأن هناك خطوات واضحة – فيما نرى – تهيئ للمشاركة السياسية السلمية. نقلاً عن صحيفة السوداني 2/3/215م