فالعملية في مجملها ليست بالبساطة التي ينظر إليها البعض ويعتقدون أنها مجرد عملية اقتراع عادية يلقي فيها المقترع بصوته في صندوق الاقتراع ويقرر ما يريده، فهي أعقد من ذلك بكثير وبمراجعة الحالات المماثلة في دول عديدة مرت بهذا الظرف التاريخي الهام، فأن أصعب ما في العملية هو الإعداد الجيد المتراضي عليه إجماعاً للعملية لأنها لو نمت في ظل عدم رضاء الطرفين أو احدهما أو وقعت بشأنها خلافات في المعايير، فان المشكلة لن تحل وستظل قائمة في حين أن الهدف الأساسي من العملية هو حل المشكلة من جذورها والى الأبد – وقد اتفق شريكا العملية – المؤتمر والحركة – قبل أيام على أهم قواعد العملية وهي أن يكون الحد الأدنى لممارسة عملية الاقتراع مكفول لثلثي المواطنون الجنوبيين، بمعني إذا كان سكان الجنوب مثلاً(8) مليون فان الحد الأدنى لممارسة عملية الاقتراع ينبغي الا تقل عن ستة مليون ناخب وهذا منه ضمانة مهمة وهي تمكين غالبية المواطنين الجنوبيين من ممارسة حقهم لأن ما سوف يترتب علي ممارسة هذا الحق أمر مصيري ونهائي وليس سهلاً ولا يحتمل الطعن أو الرفض إذ أنه وكلما كان كل سكان ومواطني الإقليم شاركوا في العملية كلما كان ذلك أدعي لقبول النتيجة ومعقوليتها حيث لا مجال لترك أمر استراتيجي كهذا تحت رحمة قلة قليلة أو حفنة من الناس. من جهة ثانية فان الاتفاق قضي أيضاً بأن تعتبر الأغلبية البسيطة والمتمثلة في 5% من الثلثين المقترعين زائداً 1 هي الأغلبية المعتمدة لقبول نتيجة التصويت بمعني أوضح فان عدد المقترعين لو كان (6 مليون) مقترع – أي الثلثين – فان المطلوب هو (3) مليون زائد واحد لاعتماد النتيجة وحدة أو انفصالاً، وهذا الأمر وان بدأ للبعض فيه شيء من التسهيل أو التهاون إلا أن لا مفر منه خاصة في ظل صعوبات ربما واجهت مصير السجل الانتخابي للناخبين لأنه سيكون سجلاً منفصلاً ليس هو بالضرورة سجل الناخبين الخاص بالانتخابات العامة. وما من شك أن صعوبات أخرى سوف تثور بشان حصر الناخبين في الجنوب، والمواطنين الجنوبيين في الشمال خاصة أولئك الذين امتزجت دماؤهم بإخوانهم من القبائل الشمالية وهكذا فان الأمور ليست بالبساطة التي يتصورها البعض وتتصورها الحركة الشعبية وبالنسبة للحكومة السودانية فان العملية تعتبر عملية إستراتيجية شديدة المساس بالأمن القومي السوداني لكونها ربما تؤثر على الدولة السودانية وقد تغضي إلى مشاكل وتعقيدات أمنية. لكل ذلك فان من الضروري أن يتحلي المواطن الجنوبي ومن بعده قادته في حكومة الجنوب وبقية الأحزاب الجنوبية بقدر عالي من الوعي حيال هذه العملية لأن صوت أي مواطن جنوبي في هذه العملية التاريخية هو تحمل لمسئولية وطنية جسمية ولا مجال بعدها للحسرة أو الندم، أو البحث عن مخرج أو مهرب!!.