شهدت مدن الولايات الجنوبية ومقاطعاتها في اليوم الثاني لعمليات الاقتراع التي تشهدها المنطقة لأول مرة منذ نحو خمسين عاماً، شهدت تطورات جديدة في مسار العملية عقب بزوغ فجر اليوم الثاني، الذي حمل معه عدداً من القضايا والمخالفات والانتقادات تركزت معظمها في المقاطعات البعيدة، رغم أن جوبا حاضرة الجنوب ومقر رئاسة حكومته لم تسلم من ذلك. وخرجت مقاطعة «كودة» البعيدة تماماً عن عملية الاقتراع، وهذا ما استهجنه الناخبون الذين قالوا إن السلطات بررت لهم ذلك بأن المنطقة تخلو من الأجهزة الأمنية والشرطية لتتولى مسؤولية حماية الصناديق. لكن شرطة الجنوب قطعت بأن المنطقة تشهد حضوراً شرطياً، ووقف على هذه الحقيقة المراقبون الدوليون. وفي سياق ذلك كشف رئيس المفوضية القومية بجنوب السودان جيمس براون عن مشكلات وتحديات حقيقية واجهتهم منذ انطلاقة عملية الاقتراع، وأشار للأخطاء في السجل الانتخابي الذي حدث به خلط عند تحويل الأسماء من الإنجليزية للعربية، بجانب أن عملية دمج المراكز وتحويلها لمحطات عقَّد العملية وأدى إلى فقد بعض المواطنين لأسمائهم، مما دفع بعضهم للبحث عن أسمائهم في (5) مراكز. واشتكى براون بشدة من تأخير الدعم المركزي لضباط المفوضية والعاملين بالمراكز، مبيناً أن المفوضية القومية لم ترسل حتى الآن أي مبالغ لمفوضية الجنوب، مما أدى لأزمات حقيقية في تقديم الخدمات للعاملين بمراكز الاقتراع والناخبين. وبشأن معالجة المشكلات التي صاحبت اليوم الأول لبدء الاقتراع، قال براون إن مفوضية الجنوب وجهت بنقل أوراق السجل الانتخابي الورقي «الأصلي» لكل المقاطعات والمدن، عن طريق طائرات الهيلكوبتر لتكون هي المرجع الأساسي لمعالجة الأسماء التي سقطت، موضحاً أن هذه الإجراءات تنطبق على مقاطعات جوبا، أبيي، راجا، تركاكا، كاجو كاجي ومروقو. وقال مسؤول المفوضية إن إجراءات حظر الناخبين أكدت الإقبال العالي للمواطنين على صناديق الاقتراع رغماً عن تعقيدات العملية، وبلغ عدد المقترعين ببعض المراكز (300) رغماً عن وجود عدد من المواطنين غير المتعلمين، الأمر الذي أدى لاستهلاك الوقت دون أن يتمكن الآخرون من الاقتراع خاصة وأن عدد ساعات الاقتراع (10) ساعات في اليوم، مطالباً بضرورة مد أيام الاقتراع حتى يتمكن الجميع من الإدلاء بأصواتهم وممارسة حقهم الانتخابي. وتساءل: كيف يستقيم الأمر بأن يصوت (4) أربعة ملايين وسبعمائة سبعٌ وسبعون ألف ناخب ويستغرق الواحد منهم (20) دقيقة في عملية التصويت في (30) ساعة هي مجمل المحدد لعملية الاقتراع في أيامها الثلاث. وكشف جيمس أن السلطات الأمنية بالجنوب اعتقلت أحد ضباط الانتخابات أمس بحجة أنه كان يحمل على عربته مواد انتخابية وهو في طريقه لمركز الاقتراع دون أن يكون معه أفراد من قوات الشرطة، مشيراً لاحتجازه حتى الساعة السابعة مساءً قبل أن تفلح المفوضية في إطلاق سراحه، موضحاً أن هذا الاحتجاز بجانب احتجاز العربة التي كان يستغلها وبداخلها مواد اقتراع أثر سلباً على أداء المراكز. وفي سياق العملية الانتخابية شهدت مدينة جوبا تزايداً مضطرداً في أعداد المراقبين الدوليين والإقلميين، بجانب أجهزة الإعلام المختلفة، رغم التحذيرات التي تطلق هنا وهناك بحدوث توترات بسبب الانتخابات، وخلال تجوالي داخل مراكز اقتراع داخل أحياء المدينة ولجنتها العليا، لاحظت الوجود الكثيف للمراقبين وخاصة الدوليين. وفي السياق ذاته زار الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر عدداً من مراكز الاقتراع بالاستوائية الوسطى، وقال في تصريحات صحافية في الدائرة الجغرافية (3) أطلع بره بمنطقة كتور شمال، إنه زار حتى ذلك هذا الوقت (7) من مراكز الاقتراع داخل مدينة جوبا، ووقف على طبيعة العمل وما تم خلال اليوم الأول وبداية اليوم الثاني واصفاً ما تم بالجيد، مشيراً لوجود بعض المشكلات ببعض المراكز مثل الأخطاء في الأسماء وسقوط بعضها من السجل الانتخابي، لكنه عاد وقال إن الأمر من اختصاص مفوضية الانتخابات، ورداً على سؤال عن ما يحدث تجاه المرشحين المنسحبين، قال: إجرائياً ليس هناك انسحاب ويمكن للناخبين إن أرادوا أن يصوتوا لهم. وشهد اليوم الثاني تدافعاً أكبر نحو مراكز الاقتراع بعد أن لازم اليوم الأول عدد من الصعوبات والعقبات، وطالب عدد من المواطنين بداخل هذه المراكز بتمديد أيام الاقتراع حتى يتمكن الجميع من ممارسة حقهم، وحذر بعضهم من عدم معالجة الأخطاء التي لازمت السجل الانتخابي، مشددين على أهمية الاعتماد على السجل الورقي الأول.