أخبرني أحد الزملاء الصحفيين أن صديقاً له من الصحفيين الأجانب الذين وفدوا إلى البلاد مؤخراً لتغطية الانتخابات، هاتفه معلقاً على الانتخابات وقبلها على معركة قوز دنقو (النخارة) التي انتصرت فيها القوات المسلحة وقوات الدعم السريع على القوة المهاجمة القادمة من دولة الجنوب والتي تمثل في نظره عظم ظهر التمرد في دارفور.. وتركز تعليق الصحفي (الخواجة) على ضعف التناول الإعلامي مقارنة بالنتيجة الهائلة التي تمخضت عنها المعركة والمتمثلة في أنها تعتبر الضربة القاضية لحركة العدل والمساواة المتمردة.. قائلاً إنه على الأقل لم يشهد تداولاً في الصحف السودانية للصور المعبرة التي تداولتها وكالات الأنباء الأجنبية ومواقع التواصل الاجتماعي .. قائلاً إن صوراً مماثلة تحوى هذا الحجم من العربات والمعدات العسكرية التي حازتها قوات الحكومة كغنائم من العدو لو كانت في دولة أخرى لما غابت عن صفحات الصحف إلا بعد زمان طويل. الرجل يري أن الصحافة من حيث التناول التحليلي ورصد التفاصيل وكتابات الرأي اكتفت بإشارات عاجلة للمعركة التي سينتج عنها أثر كبير على مستقبل التمرد في السودان، متسائلاً عن أسباب زهد الصحافة والإعلام الرسمي عن الاسترسال في تداول هذا الحدث الهام؟! شخصياً أعتقد أن الإعلام السوداني مطبوع بطابع الشخصية السودانية التي لا تنطبق عليها معايير الآخرين في أمور مختلفة، وأبرزها سمة النبل الذي يجعلنا نترفع عن الشماتة والتشفي أو ما يقرب من الشماتة والتشفي حتى إذا أقتصر الأمر على الإمعان في استعراض الفرحة بنصر على عدو، لأن هذا العداء هنا ظرفي مرتبط بموقف، وليس عداء أصيلاً ولا هو دائم.. الصحفي الأجنبي محق في جانب من نظرته للأمر، ذلك أن واقعة النخارة ستكون لها ما بعدها بالنسبة لشوكة التمرد في السودان، وأن طبيعة التمرد بعدها لن تكون كما كان بعدها، خاصة وأنها جاءت بعد سلسلة من العمليات النوعية المؤثرة على شوكة التمرد في مناطق فنقة وغيرها. ولكنه ليس محقاً في توقعاته بأن يسهب الإعلام السوداني ويتعمق في استعراض ما تعرض له التمرد من خزي وهزيمة في جنوب دارفور، برغم أن التمرد لم يترك مبدأ لم ينتهكه في سبيل الوصول إلى هدفه من أرتهان للأعداء وارتماء في حضن الأجنبي واستعانة بالإسرائيليين تمويلاً وتسليحاً وتدريباً.. مواقع التواصل الاجتماعي تداولت بياناً أصدرته حركة العدل والمساواة المتمردة تصدرته عبارة (للأعضاء فقط) ركز على أن وجود عناصر مندسة في قوات الحركة هو السبب الرئيسي في الهزيمة، وتحدث عن القبلية وعن إحجام الشباب عن المشاركة في القتال وغير ذلك من التبريرات التي تنم عن ضعف واضح. ومع أن مصداقية البيان ضعيفة جداً غير أنه مقروء بغيره من حقائق ومؤشرات يدلل على عدد من الأمور، أهمها أن حركة العدل والمساواة قد لحقت بسابقاتها حركتي عبد الواحد ومناوي من حيث التشتت وضياع البوصلة. كما أنها تؤشر الى المزيد من التباعد بين حركة العدل والمساواة وبين ما يسمي بالجبهة الثورية، سيما وأن العلاقة بين الطرفين كانت في الأساس متوترة، وأن جبريل من جانب وقادة الثورية من جانب آخر كانوا يحجمون عن إظهار ما بينهم من خلاف حرصاً على عدم إرسال رسالة إيجابية تخدم عدوهم المشترك .. وذاك حديث يحتاج لتناول منفصل.. نقلاً عن صحيفة الصيحة 2015/5/6م