صبيحة يوم الخميس الموافق 20 أغسطس 1998م صدرت صحيفة "ألوان" كالمعتاد.. غير أن صاحبها الأستاذ حسين خوجلي متعه الله بالعافية، كان قد إعتذر عن كتابة افتتاحية العدد، وأوكل المهمة لمدير التحرير الذي كان هو كاتب هذه السطور.. صدرت الصحيفة وفي افتتاحيتها تحذير من ضربة أمريكية وشيكة للسودان.. وما كاد نهار ذلك اليوم ينقضي ويحل المساء.. حتى كانت صواريخ "توماهوك" تدك مصنع الشفاء للأدوية بضاحية كافوري بمدينة بحري. ولم يكن ذلك المصنع العملاق قد أطفأ شمعتين من عمره القصير، منذ لحظة افتتاحه، وحتى لحظة تدميره بالكامل في أكبر جريمة أمريكية من نوعها بحق بلد نام وآمن. ولم يجد تحذير "ألوان" لحكومة السودان وتنبيهها فتيلاً.. كان يمكن للحكومة آنذاك وقد اجتازت زمان التمكين إلى رحاب الشرعية الدستورية أو تكاد أن تحيط سفراء الدول الصديقة والشقيقة علماً بالمؤامرة وأن تطلب اجتماعاً طارئاً للمندوبين الدائمين في جامعة الدول العربية.. وأن تعلن حالة الطوارئ في كافة أنحاء البلاد وتبقى على أجهزة الدفاع الجوي في حالة الاستعداد القصوى. ولكن مرت الحادثة المؤسفة.. تم تدمير المنشأة المدنية بوشاية قذرة.. ومعلومات استخباراتية مغلوطة.. وكسب السودان تعاطفاً دولياً كبيراً وشعرت المعارضة السودانية بالعار.. وأمريكا بالخزي. وسرني جداً أن سماء السودان لم تعد مستباحة للأعداء.. الآن يتم رصد كل صغيرة وكبيرة ويتم إسقاطها بدقة عالية كما جرى الأسبوع الذي مضى للجسم الغريب الذي كان يمسح المنطقة العسكرية. برفقة الأخ مصطفى أبو العزائم والعقيد وقتها فتح الرحمن الجعلي وآخرين حضرنا بمنطقة العتمور بالقرب من دنقلا في شتاء عام 2010م أول تمرين ليلي للقوات المسلحة.. وكانت ليلة مشهودة أثنى عليها القائد العام المشير البشير، حيث تصدى نسور الجو بكفاءة عالية لأهداف على الأرض ودمروها تدميراً.. فيما تصدى أبطال الدفاع الجوي لأهداف معادية وأسقطوها واحدة تلو الأخرى.. لم تعد سماء السودان مستباحة.. وسيفكر العدو الغاشم والغشيم ألف مرة قبل أن يقدم على حماقة قاتلة. نقلا عن صحيفة الصيحة 12/5/2015م