لم تقدم إسرائيل شفاهة أو كتابة ما يؤكد أنها سوف تعلق عملية بناء المستوطنات حول القدسالشرقية، ومع ذلك اعتبر وزراء الخارجية العرب توقف عمليات البناء، وعدم اجتماع لجنة متابعة الاستيطان التابعة لبلدية القدس، والضمانات الشفهية التي قدمتها واشنطن للرئيس الفلسطيني محمود عباس أسبابًا كافية لاستئناف عملية التفاوض غير المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، التي سوف تبدأ الأسبوع القادم مع وصول المبعوث الأميركي جورج ميتشيل إلى المنطقة ليبدأ جولاته المكوكية بين القدس ورام الله على أمل أن ينجز شيئًا ملموسًا يعزز مطالب واشنطن بنقل المفاوضات إلى مرحلة التفاوض المباشر. والواضح أن وزراء الخارجية العرب اتخذوا قرارهم ليس ثقة في إمكان تغير موقف حكومة الليكود، ولكن دعمًا للرئيس الأميركي أوباما الذي التزم منذ مجيئه إلى البيت الأبيض قبل 15 شهرًا خطًا واضحًا، يؤكد أن تسوية القضية الفلسطينية هي المدخل الوحيد لتسوية جميع مشاكل الشرق الأوسط، وهي تمثل مصلحة استراتيجية أميركية يتعلق بها الأمن القومي الأميركي وسلامة الجنود الأميركيين في العراق وأفغانستان وباكستان، كما أن تجميد المستوطنات في الصفة والقدسالشرقية يمثل شرطا ضروريا لنجاح عملية التسوية التي تنهض بقيام دولة فلسطينية ذات تواصل جغرافي تعيش إلى جوار إسرائيل. وبسبب وضوح مواقف أوباما خاض مواجهة حادة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، زادت من توتر العلاقات بين الحليفين إسرائيل وأميركا، وهذا في حد ذاته تطور أساسي في سياسات أميركا تجاه الشرق الأوسط لا يستطيع أحد أن ينكر أهميته، رغم أن هذا التطور لم يترجم نفسه في خطوات عملية واضحة على أرض الواقع بسبب انحيازات الكونغرس وتغلغل نفوذ الجماعات الصهيونية في حياة المجتمع الأميركي الذي جعل مشكلة الشرق الأوسط جزءا من مشكلات الداخل الأميركي. ولأن حسن النيات لا يكفي وحده ضمانا لتحقيق الأهداف، يصبح لزاما على العرب والفلسطينيين الحذر الشديد وعدم تقديم أي تنازلات جديدة، والالتزام بعدم الانتقال بالمفاوضات إلى مرحلة التفاوض المباشر قبل أن يتبلور التزام إسرائيل الواضح في خطوط أساسية تشدد على وجود برنامج زمني لقيام الدولة الفلسطينية مع تجميد جميع صور الاستيطان، خاصة أن الولاياتالمتحدة لا تزال عازفة حتى الآن عن أن تقدم للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي رؤيتها لبنود التسوية في مشروع أميركي مع أن ذلك هو أقصر الطرق وأكثرها ضمانا لتحقيق السلام الشامل. المصدر: الوطن القطرية 5/5/2010