-1- كثيرون كانوا يتابعون خطاب الرئيس في البرلمان أمس عبر وسائل الإعلان، كانوا ينتظرون ملامح الخمسية القادمة، وهل ستعيد ما كان أم ستأتي بجديد؟! لغة الخطاب جاءت واضحة ومباشرة بلا تعقيد أو فذلكة تعبيرية، الخطاب به كثير من الوعود التي من المؤكد أنها تخاطب اهتمامات القطاع الغالب في المجتمع السوداني. أمر المعيشة اليومية سيظل هو الهم الأكبر إلحاحاً لذا حظي باهتمام كبير في الخطاب مصحوباً كذلك ببشارة رقمية حيث ورد في خطاب الرئيس الآتي: (سيكون أمر معاش الناس هو أولي أولوياتنا). (وأبشر هنا مواطني الكرام بأم احتياطي الذهب المكتشف حتي اليوم عبر التخريط الجيولوجي فاق ال8000 طن بقيمة تساوي 330 مليار دولار سيتم تسخيرها لاستكمال مشروعات النهضة الكبرى وتحقيق الرخاء الاقتصادي وهذا مفتاح جديد للدخول والتعامل اقتصادياً مع العالم الخارجي بإذن الله). -2- الرئيس البشير يعلم بوجود هواجس علي نطاق واسع بأن كثير من المواد والثروات من الممكن أن تتسرب من خزائن الدولة وتذهب لمجموعات من الفاسدين من أصحاب الأيادي الولي والأظافر القذرة، لا أوضح في الخطاب بأن ثروات وأموال الشعب السوداني ستكون محروسة بمفوضية عليا للشفافية ومحاربة الفساد حيث قال: (عهد جديد يعلي قيم الشفافية في اتخاذ القرارات واعتماد معايير الكفاءة والنزاهة عند كل تكليف وتعيين والمحاسبة الحازمة عند كل فساد أو تقصير . وبهذا أعلن عن قيام مفوضية للشفافية ومكافحة الفساد بصلاحيات واسعة وتكون تبعيتها مباشرة لرئيس الجمهورية). مشروع إنشاء مفوضية لمحاربة الفساد من المشاريع التي كانت مطروحة منذ سنوات، بل تم وضع مسودة أولية لقانونها، ولكن جهات داخل الدولة تحت ذرائع متعددة عملت بكل ما تستطيع من قوة وما تملك من نفوذ علي وأد المشروع قبل أن يري النور. قرار إنشاء المفوضية في حد ذاته قرار شجاع وجاد يجب أن يعزز ويحمي من أصحاب المصالح المتحركة الذين يحسبون كل صيحة عليهم، هم أخطر علي الدولة من الأعداء حاملي السلاح وقطاع الطرق. ستصبح المفوضية أكثر قوة وذات مصداقية عالية إذا كان عمادها من الجهاز القضائي وعلي رأسها قاضي معروف بالنزاهة والتجرد وعدم الخوف في قول الحق. -3- الخطاب مضي كذلك لمواجهة ظنون راجحة لدي كثيرين، خاصة في القوي السياسية المعارضة، بأن الرئيس البشير يعبر عن مصالح وتطالعات حزبه فقط ولا يراعي ولا يولي اهتماماً بمن هم خارج نطاق الرعاية الحزبية، لذا جاء التزام الرئيس هذه المرة مباشراً دون غموض أو مواربة حيث قال: (سأكون بإذن الله رئيساً للجميع لا فرق بين من صوت لنا ومن لم يصوت وبين من شارك أو قاطع الانتخابات فهذا حق مكفول لهم أجمعين). -4- الرئيس البشير يدرك وجود تبرك علي نطاق واسع من الانتهاكات التي تتم لحرية الرأي والتعبير في الفترة الأخيرة عبر إجراءات استثنائية متعسفة ضد الصحف، لذا أعلن التزاماً جديداً بمراعاة هذه الحرية المقدسة وهو يقول أمام البرلمان الجديد: (لا حجر علي رأي طالما التزم القانون ولم يدع لإثارة فتنة عرقية أو دينية). -5- لم يخفي علي الرئيس البشير استحالة تحقيق استقرار سياسي ورفاه اقتصادي مهما كانت كمية الذهب وعائد الزراعة ما لم تتوقف الحروب ويتحول الصراع والتنافس من صناديق الذخيرة إلي صناديق الاقتراع لذا قال: (أن يكون هدفنا السياسي المشترك التداول السلمي للسلطة والاحتكام في خلافاتنا إلي الشعب واحترام خياراته بلا نكوص). -أخيراً- مواطنون والمراقبون سيسكون بأقلامهم لتصحيح هذا الخطاب علي واقع التطبيق العملي إلي خروج النتيجة النهائية بعد خمسة أعوام، حينذاك سيعرف الجميع النسبة التي ستحرزها الحكومة الجديدة في الامتحان الذي وضعته لنفسها! نقلا عن صحيفة السوداني 3/6/2015م