رجل من أنضر من عرفت ومن أذكى ممن تعرفت.. حاتم السر سيكنجو.. لا أدري لماذا أضحك بملء إراد قلبي حين أراه.. ولا أدري لماذا يفعل هو بذلك التكييف الشعوري. ربما يحفزه للضحك ضحكي، بيد أن أجمل ما في ضحكته أسنانه اللامعة في ضحكته مجهولة الأسباب. هو محام لم ينتظم في سلك المحاماة، لانشغالاته السياسية، ورغم تلك الانشغالات، الا انه لم يمنح مهنة المحاماة في أي من مشكلاتها النقابية والقانونية ذات الصلة المباشرة بالسياسة وقتاً أو اهتماماً، رغم أن انشغالاته (سياسية)، لم يعد أي قانوني يعرف هذا الاسم مثل ما يعرف علي السيد، او علي محمود حسنين، أو الطيب العباسي، الصادق الشامي، كمال الجزولي، كمال عمر، أمين بناني، تيسير مدثر، أمين مكي.. الى آخر قائمة المحامين، التي بدأت نضالاتها منذ مؤتمر الخريجين، وكان لها الدور المشهود في كل الانعطافات السياسية الكبرى. حاتم السر سياسي ترشح باسم الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل لرئاسة الجمهورية، ولم يكن يوماً في نقابة او صف شعبي، لم يعتقل، وسافر ايام الشدة عام 1989 بصورة عادية عبر مطار الخرطوم، يبدو أن ذلك تم لطبيعته السرية المسنودة (بالنصر وبالفرج)! أنا لا أتهكم أو أجرح كبرياءً في حاتم، لأنني أحبه، وأرى فيه دوراً سيلعبه، ولكن ليست رئاسة الجمهورية، لأن قاصدها يجب أن يكون ذا حصادات، ونوابض، واستطاعات، وتجارب، وهذا ما لم يتوفر لحاتم، ليس لأنه أقل جدارة بل لأن معظم سنوات عمره تقسمت بين القاهرة، وأسمرا ولندن وامستردام ولم يعد للسودان الا مؤخراً، وبعد عودته سرقته مشاغله (السياسية) عن التوغل بعمق في تركيبة السودان الجديدة، بعناصرها المتعارضة مع الثوابت التاريخية، التي مستها من الاختلافات رياح عاتية. من مزايا حاتم السر التي أشهد له فيها بالتوقد أنه لا يكذب الحقائق، وليس لديه أوهام اذا اقتضى الدور ذلك، كما أن (أناه) ضامرة ولا تسربله أي احاطات نرجسية، ويبادل الآخرين كل شئ، بما في ذلك الرد على ضحكة بضحكة غامضة البواغث، وهذه الخصائص تختلف كلياً عن خصائص سياسيين آخرين، محورهم الأنا وأفقهم الوهم، وخطابهم الديماغوغية، وخياراتهم الكذب الصريح. قد لا يختلف معي حاتم أن حزب الحركة الوطنية يمر بأعمق أزمة في تاريخه، والسواطع كثيرة، منها على سبيل المثال، أن من صوتوا لصالح الحزب في الدوائر الجغرافية كانوا أكثر ممن صوتوا لمرشح الرئاسة للحزب، وهذا يوضح الخلل التنظيمي النابع من انشغالات حاتم (السياسية)، ولأن الشعب السوداني متنوع، ضمن انساق ثقافية متباينة، والتنوع طالعه في كل شئ أنبه حاتم لضرورة تصديق أن نتائج الانتخابات، اخترقت في جانبها الكلي جوهر الحقائق التاريخية الكبرى، لمسيرة الحزب الاتحادي بما يدعو لتأمل ودراسة ومنهجية، وتبين علمي لمنهج يعيده لذلك المجد، بدلاً من الاستعصام الصمدي، بقوفعة التاريخ، والحديث على انها هي الحزب، فالتاريخ قابل للتغيير والتطور والمسار الجديد. نقلاً عن صحيفة آخر لحظة السودانية 5/5/2010م