لا يوجد شيء يثير الخيال ويطلق العنان إلى فضاءات التشويق أكثر من محاولة كسر الغلالة والتقاط المعلومات عن أحوال الرجال الذين يعملون في بلاط الزعيم، يرسمون السياسات ويكتمون الأسرار ويلتصقون بالأحداث. إنه عالم مذهل على شاكلة اللحظة التي يكشف فيها الأثري الستار عن مومياء مدفونة تحت الرمال!! من هذا المنطلق ندلف إلى دهاليز الاتحادي الديمقراطي الأصل، في سياق التعريف عن الرجال والقيادات حول مولانا محمد عثمان الميرغني، وملامسة قدراتهم وخصائصهم ومزايا كل واحد منهم، وما هو موقعه في سويداء مولانا؟ وهل يعمل هؤلاء في تناسق كروح الفريق المنسجم أم يمثلون لوحة متشابكة من التناقضات والزوايا البعيدة؟ دلالات الشخصية القوية ظاهرة بمقاييس كثيرة على القيادي الكبير الحاج ميرغني عبدالرحمن سليمان، فهو ينحدر من أرومة طيبة وبيت عريق وتلك المناخات ساعدت في تركيبة منهجه ومزاجه وأفكاره على الصعيد الاجتماعي والسياسي، وبذلك لا يتقلب حاج ميرغني في مواقفه ولا تخيفه العواصف ولا يشعر بأن هناك ثميناً ينقصه. بانوراما العلاقة بين مولانا وميرغني عبدالرحمن تؤكد أن الأخير ظل شريكاً في الفكرة وخطوط القرار داخل الحزب إلى حد كبير، إذا قورن بطاقم القيادة الذي ربما يكون محروماً من هذا الامتياز! وقد يرى حاج ميرغني أن الصورة الحالية للحزب تحتاج إلى الإضاءة الساطعة والكشافات القوية حتى تزول حلكة الظلام، بل يعتقد ميرغني عبد الرحمن أن المعالجات الناجعة لإشكاليات الاتحادي الأصل تكمن في استخدام الجرعات شديدة المرارة، فالسم كثيره يقتل وقليله ترياق. وعلى سبيل المثال لم يذهب حاج ميرغني إلى القاهرة لحضور اجتماعات هيئة قيادة الحزب لأنه يريد الأكسجين الصحيح للهياكل العليا، وأيضاً لم يتقبل مساواة الجلوس على الطاولة في الهواء الطلق مع ذات الذين يجلسون في هجعة الظلام، وهذه هي التقديرات السليمة حتى لو كان البعض يراها في طعم الحنظل!! أحمد علي أبو بكر جدلية العلاقة بين مولانا والأستاذ أحمد علي أبوبكر صارت على شاكلة صندوق مغلق لا يعرف أحد ماذا يوجد بداخله! وكلما ارتفعت وتيرة التساؤلات والاستنتاجات الكثيفة حول إرهاصات الانفصال بين الرجلين تكون النتيجة ضرباً من الألغاز والأساطير!! لقد كان أحمد علي أبوبكر يدير الحزب بالداخل خلال فترة زمنية طويلة بحبل ممدود من مولانا في مشهد لا ينكره جميع الاتحاديين. ميزان العلاقة بين مولانا وأحمد علي يسربل في متاهات تصيب المرء بالدوار! فالشاهد أن أحمد علي يقود تياراً مخيفاً ومدمراً داخل الاتحادي الأصل وما زال البعض في انتظار العصا أو الجزرة! وفي الإطار يمارس أحمد علي أبوبكر الدهاء والحيلة في سياق تحقيق أهدافه وطموحاته فقد نجح في حشر جميع الذين معه في قطار لا يدرون الاتجاه الذي يسير إليه بينما هو قابض على البوصلة، بل استطاع تحويل جميع رواد اجتماعات الحلفايا إلى مجرد عمال سقالة في بناية لا يعرفون إذا كانت مستشفى أو سجناً. وفي الواجهة يكون الأستاذ سيد هارون من أوائل الخاسرين في هذا الطريق بحسب ما جاء في الرسالة الإلكترونية الموثقة للأستاذ حاتم السر، حيث تحسر على موقف سيد هارون الذي صادق الذين كانوا قد رفضوا ترشيحه لموقع الوزير الولائي في جلسات الحزب خلال حكومة الوحدة الوطنية، ويرى البعض أن سيد هارون لم يكن وزيراً ناجحاً وحيوياً، بل كان صامولة في ترس المتعافي!! طه علي البشير لونية العلاقة بين مولانا والأستاذ طه علي البشير تتشكل على مذاق مختلف وخيوط متينة تبحر في خضم تكاليف قديمة من وراء الغلالة والهواء الطلق. طه مسكون بالحركة الاتحادية منذ الطفولة، لكنه ظهر على مسرح الحزب في لحظة فاصلة بعد مؤتمر المرجعيات عام 2004م وقد دخل في أروقته كما يدخل القمر في رقائق السحاب، استجابة لنداء الحنين والوجد والهيام المتجذر في القلب!! حصد المؤتمر الوطني عدداً مقدراً من رجال الأعمال في الحركة الاتحادية إلى فضاءاته لكن طه علي البشير ظل عصياً على الحزب الحاكم. وقد أذهل طه الكثيرين بطاقة هائلة في العمل السياسي وانكباب ماثل للعيان على مسرح حزبه وهو الذي اشتغل في دنيا الرياضة ربما دفقات طويلة من العمر. طه محسوب من القيادات التي تناصر المرجعية الحزبية وهو واحد من المعنيين في سلسلة إنتاج القرار. الخليفة ميرغني بركات شكل العلاقة بين مولانا والخليفة ميرغني بركات يقوم على مستويين، هما البعد الصوفي، والبعد السياسي وبذلك يكون الخليفة ميرغني بركات هو أول شخصية ختمية تكلف بأعباء سياسية رفيعة من الزاوية التنظيمية الحزبية. لقد صار الخليفة ميرغني بركات مسؤولاً عن رقعة جغرافية تتميز بأوضاع حساسة ومزايا متنوعة من ناحية الكثافة السكانية والتلاقح الإثني والمذاق السياسي والاجتماعي وهو محك خطير ومسؤولية جسيمة وكان الخليفة ميرغني يشعر على الدوام بواجبات هذا التكليف الباهظ وهو يقابل تلك التحديات الضخمة بالبرامج العصرية والمشورة الواسعة والإمكانيات المستحقة!! قام الخليفة ميرغني بركات بإنجاز ملف التيار الديمقراطي واجتماعات الحلفايا وهو ما زال يحدق في جدول التحركات المتوقعة!! حاتم السر العلاقة بين مولانا والأستاذ حاتم السر تأخذ الطابع الوجداني الذي لا يقبل الاهتزاز والتراجع.. ويرى البعض أن حاتم السر راهب متعبد في محراب العمامة الهاشمية، لكنه يحمل في دواخله دفقات من الثورية والمفاهيم الراديكالية. الأستاذ حاتم يتمتع بنجومية بعيدة وإمكانيات هائلة وهو مقاتل شرس في مواجهة المؤتمر الوطني، غير أن آراءه تكون منقوصة الصراحة حول أوضاع حزبه وبذلك يتملكه الإحباط ويهرع إلى العزلة في عاصمة الضباب. حاتم السر حمل لواء الجهاد وتجشَّم عناء الطريق في سبيل تحقيق قيم الديمقراطية والشفافية وكرامة المواطن السوداني زهاء ال18 عاماً التي قضاها في غمار المعارضة بالخارج!! بابكر عبد الرحمن الأستاذ موسى الحسين سليل بيت الحاج موساب اختزل العلاقة بين مولانا والمحامي بابكر عبدالرحمن قائلاً إن مولانا يحب بابكر عبدالرحمن في الله ويكن له الوجد المبجل. كلمات موسى الحسين ظلت ترن في أذني كلما يتجدد موقف أرى فيه بابكر يبذل جهد المستحيل ليكون متأهباً في خدمة أوامر وطلبات مولانا بغض النظر عن الإخفاق أو النجاح كأنه يتجاوب بالدافع التلقائي في بسط الأمور لمن يحبه وبذلك يكون بابكر عبدالرحمن ضمير مولانا من وحي هذه اللوحة البليغة. في تقديري بابكر عبدالرحمن لا يريد موقعاً وزارياً ولا سفارة بل هو في سياحة الاقتراب ممن يحبه في الله! وهكذا في المحصلة نكون قدمنا أبرز الرجال مع مولانا من خلال التنقيب عن أدوارهم وأوزانهم والتكاليف التي تصدر إليهم وبصماتهم في الاتحادي الأصل!! حاشية هاجمني أحد المتسلقين في مركب أحمد علي أبوبكر خلال الأيام الفائتة في صحيفة صديقة. هذا الشخص الذي لا يستحق ذكر اسمه أعلم أنه منبوذ ومرفوض من جماعة الحلفايا وكم أرسلوا لنا القصص التي تصم الآذان عن تصرفاته وكان آخرها (لغز موبايل علي السيد). تفاوت المسافة بين النسور والضفادع لا يسمح لي بالرد عليه، والمفارقة أنه توجد أمامي دفاتره المليئة (بالفاولات الكثيرة) متمنياً أن لا أضغط على القلم في المستقبل لإماطة اللثام عن فحواها.. سأترك هذا المسكين يخوض في الرماد سيما وأنه مدفوع من الوسواس الخناس الذي باع الزعيم الشهيد محمد الأزهري في سوق النخاسة السياسي في مشهد لا يقدر عليه (بروتس) أكبر خائن في التاريخ!!