سبعة أشهر تبقت على عملية الاستفتاء لتقرير مصير الجنوب وبعدها يكون السودان موحداًن أو منشطراً لدولتين، وينتظر الحكومة المقبلة جهد كبير لكي يبقى السودان موحدا، باعتبار أن الانفصال خطر على الشمال والجنوب معاً. لكن التحدي الأكبر يواجه المؤتمر الوطني، باعتباره حاكماً لعشرين عاماً خلت، ويرتب الآن لمرحلة جديدة من تاريخ البلاد بعد أن حاز على أصوات جميع الولايات الشمالية، وأكثر من 90% من دوائر البرلمان القومي والمجالس التشريعية بذات الولايات، خلال الانتخابات التي جرت في الحادي عشر من ابريل المنصرم، اذ أن الانفصال حال حدوثه يخصم كثيراً من رصيد الحزب الذي بدأ في تجميعه بشتى الطرق طوال الفترة الماضية. ويشكل (وصمة عار في جبينه). بدأ رئيس الحزب المشير عمر البشير خلال حملاته الانتخابية ولقاءاته الجماهيرية مبشراً بالوحدة والحديث عن اهميتها للجميع، مما كان له كبير الاثر في نفوس مواطني الجنوب، وهو ما جعل الكثير منهم يدعو بالحاح لامية تحقيق الوحدة، خاصة في أعقاب ما شهدته بعض الولايات الجنوبية من أحداث عنف بعيد اعلان نتيجة الانتخابات، وراح ضحيتها اعداد من المواطنين، بجانب نزوح ومغادرة الكثيرين لمدنهم، خوفاً من القتال. ويهتم البشير بتحقيق الوحدة التي تعتبر أهم الملفات التي تحتاج لجهد كبير من الحكومة والاحزاب المختلفة المشاركة في الحكومة أو المعارضة، فضلاً عن الدور المنتظر من منظمات المجتمع المدني والاصدقاء من المجتمع الدولي للاسهام في تحقيق الوحدة. اذن الفترة المقبلة تتطلب تكثيف الجهد لتحقيق الوحدة وجعل السودان أكثر منعة بوحدته وإن أدى الامر لتقديم القليل من التنازلات ويبقى دور القوى السياسية، وبصفة خاصة المعارضة مهماً في الترويج لاهمية الوحدة، والانتقال من الآن للولايات الجنوبية للتبصير بمخاطر الانفصال على البلاد من ناحية، وعلى القارة الافريقية ودول الجوار من ناحية اخرى. ولم يبد القيادي بالحركة الشعبية، أتيم قرنق تفاؤلاً بتحقيق الوحدة، رغماً عن قناعته بأهميتها، وقال لي : إن الوحدة التي ننشدها تتطلب التنوع، مطالباً بضرورة تطبيقها في الاجهزة المملوكة للدولة من اعلام ومؤسسات التربية فضلا عن تحقيق التنمية المتوازنة. وأكد اتيم خلال حديثه رفضه للوحدة بمفهومها القديم، وقال : فشلنا في تطبيق الوحدة بمفهوم نيفاشا، متسائلاً: هل ذهبنا للجنوب، وقمنا بعمل اجتماعي في الاقليم؟ ويرى قرنق أن هناك دوراً كبيراً لابد لشخصيات مثل الصادق المهدي، والترابي، من الاسهام في تحقيق الوحدة باعتبار انهم شاركوا في حكومات ما قبل الانقاذ وأن المواطن الجنوبي يشعر بأن ظلماً قد وقع عليه من الحكومة المركزية منادياً بضرورة تبصير المواطن الجنوبي بأهمية الوحدة، ومنحه المزيد من الضمانات والتطمينات واضاف : على القوى السياسية الشمالية، ومنظمات المجتمع المدني التوجه نحو الناخب الجنوبي، وحثه على التصويت للوحدة. ويضع المؤتمر الوطني أولوية قصوى للمرحلة المتبقية ويسعى، من خلالها للحفاظ على وحدة البلاد من خلال الاستفتاء القادم، ووجه الوطني كل مؤسساته للعمل في هذا الاتجاه. ويؤكد أمين التعبئة السياسية بالوطني، حاج ماجد محمد سوار، أن حزبه سيعمل من الآن، مع كافة القوى السياسية والاصدقاء من دول العالم، الذين تهمهم وحدة السودان، مشيراً الى طلب مساعدتهم حتى لا يحدث الانفصال، الذي سيتضرر منه الجميع. اذن المؤتمر الوطني على قناعة بأهمية بلورة الرؤى مع القوى السياسية المختلفة، بجانب كل من له تأثير على مجريات الاستفتاء، وقال سوار : إن الوطني وضع برنامجاً سياسياً متكاملاً لعمل الوحدة، مؤكداً على ضرورة الاتفاق السياسي مع الحركة الشعبية في العمل من أجل الوحدة، مشيراً لوضعهم تصوراً للقاءات ثنائية وجماعية بهذا الخصوص. ويرى سوار أنه من الضرورة بمكان عدم الحديث عن تنمية في الوقت الراهن، باعتبار أن الفترة المتبقية قصيرة لانفاذها، لكن لابد من استكمال ما بدأ من مشروعات، فضلاً عن اقامة حملة توعية يشترك فيها الجميع للتبصير بمخاطر الانفصال، معلناً تكوين اللجان المختصة لقيادة الحملات التوعوية بأهمية الوحدة. ويبقى التحدي في الاستفادة من ثقل نائب رئيس الحركة، والي النيل الأزرق المنتخب الفريق مالك عقار إير، والذي أكد سعيه لتحقيق الوحدة، منوهاً في أول تصريح صحفي له عقب أدائه للقسم أمام رئيس الجمهورية لمخاطر الانفصال على الشمال والجنوب معاً، لكن هل يفلح عقار في قيادة الخط الداعم للوحدة، داخل الحركة في ظل النظرة المتشائمة من بعض قيادات الحركة لفرص الوحدة؟ أم يضيع جهده سدى، وتتشرذم البلاد لدويلات، خاصة وأن رئيس الحركة الفريق اول سلفاكير قال : إن خطط الحركة جاهزة حال الانفصال مما يعني أن الشعبية تضعه في مخيلتها، وأن أسهمه مرتفعة مقابل الوحدة. إذن الجدية في تحقيق الوحدة تتطلب عملاً من الجميع في عدة اتجاهات للاستفادة من النظرة التفاؤلية عند عدد كبير من مواطني الجنوب، وبعض القيادات في الاقليم ونظرائهم في الشمال فهل تفلح الجهود في المحافظة على البلاد موحدة؟ أم تنقسم، ويصبح الخطأ التاريخي للحاكمين؟ الأيام المقبلة تحمل الاجابة. نقلاً عن صحيفة آخر لحظة السودانية 6/5/2010م