أحاول وعبر كتاباتي الكثيرة حول دارفور جاهداً البحث عن الحق والحقيقة حول أسباب الصراع وخفاياه وما أريد في ذلك إلا الإصلاح ما استطعت لتندمل جراحات دارفور الحبيبة والتي أعياها الرهق في سبيل البحث عن استقرارها وعودة الأمن والأمان إليها وينبغي أن يكون ذلك هدفاً ومقصداً لكل أبنائها بالداخل والخارج. ولا يخفى على المراقب الحصيف حجم الاستهداف الغربي الكبير الذي يتعرض إليه السودان منذ سنوات خلت وقد زاد هذا الاستهداف بمجيء ثورة الإنقاذ وبلغ هذا الاستهداف مبلغه بسعي قوى الشر والاستكبار لتفكيك السودان إلى دويلات صغيرة فكانت البداية بجنوب السودان فتم فصله بنجاح يحسدون عليه والآن الجهود تكثف والهجمات الشرسة تنظم من قبل القوى الشريرة لفصل دارفور عن السودان. هذا الاستهداف لا يظنن أحداً بأنه استهداف للنظام الحاكم الآن بل هو استهداف كما قلت للأمة السودانية وثوابتها وهو أمر أدركه قادة ثورة الإنقاذ منذ الأيام الأولى للثورة فأعلنوا تمسكهم بالثوابت الوطنية والتي تتقدمها وحدة التراب السوداني إلا أن الرياح أتت بما لا تشتهيه السفن فكان انفصال الجنوب الذي جاء بإرادة كل القوى السياسية وهو حدث جعل القناعات الوطنية لدى البعض تهتز فحملوا الإنقاذ مسئولية انفصال الجنوب وهو أمر بحسب المراقبين يتطلب مراجعة عاجلة من قادة الإنقاذ للمسيرة الطويلة في حكم السودان والراهن وذلك بوضع برنامج إصلاحي لمعالجة الخلل الموجود بملف دارفور وطريقة إدارة أزمتها حتى تتعافى ويكون هذا العام نهاية للحرب والتمرد والتفلتات والاقتتال بين القبائل في دارفور ولعمري هذا لن يتحقق إلا بصدق نوايا جميع الأطراف واتجاههم كلياً نحو الحل السلمي في دارفور وليكون شعار الأمن مسئولية الجميع هو البوصلة التي يهتدي إليها الكل لتبدأ (فعلياً) مسيرة السلام الحقيقي بعد توفر الإرادة السياسية وأن يسند المركز أمر السلطة في دارفور إلى (القوي الأمين). أعتقد أن أهل دارفور يملكون حل أزمة إقليمهم بأيديهم ويستطيعون إعادة دارفور إلى سابق عهدها إن تجردت النخب الدارفورية عن حب الذات والأنانية وتركوا النعيم المقيم في الخرطوم وقصورهم الشاهقة وعادوا إلى أهلهم ممن ينتظرونهم في ولاياتهم في دارفور وأمام النخب السياسية الدارفورية المشاركة في إدارة الدولة على كافة مستويات الحكم تحدٍ عظيم بأن يتركوا الخرطوم ويتوجهوا صوب أهليهم الذين ينتظرون منهم الكثير خاصةً وأنهم عانوا ولا زالوا يعانون ويلات الحرب والاقتتال وتوقف التنمية وبالمقابل فإن قادة الحركات المسلحة بالداخل ممن وقعوا على اتفاقيات سلام أمامهم تحدٍ لا يقل أهمية عن تحدي أبناء دارفور في الحكومة فإنهم مطالبون أيضاً بوضع مصلحة مواطن دارفور نصب أعينهم وأن لا يغريهم السكن الفاخر ودعة العيش عن ذلك فمواطن دارفور يعاني ويعاني ينتظر منكم جميعاً أن تثوبوا إلى رشدكم وتدركوا ما يمكن إنقاذه. ولهؤلاء وأولئك نقول أن أزمة دارفور تمت صناعتها بأيديكم لذا توجب عليكم حلها بأعجل ما تيسر وذلك بالرجوع إلى جادة الصواب والعودة إلى قواعدكم بولاياتكم وقبائلكم إن اجتمعت وتواثقت على كلمة سواء فستنجلي الأزمة بلا شك وسيستقر الإقليم وسيعود إلى أهله الأمن والأمان ولكن لا بد أن يسبق ذلك مراجعة شاملة لهيكلة مؤسسات الحكم الدارفورية لإيقاف نزف الموارد وذلك بتخليص وإعادة هيكلة السلطة الإقليمية وحصرها في رئيسها ومفوضية العودة الطوعية وصندوق الإعمار ومفوضية الأراضي ومفوضية المصالحات أما مفوضية الترتيبات الأمنية بالضرورة أن تكون قومية وتابعة مباشرة لرئاسة الجمهورية لأنها هي المرتكز الأساسي لجمع السلاح وبالتالي هي مفوضية مهنية وفنية تخضع لمعايير خاصة متعلقة بالقوات النظامية وعبر مفوضية الترتيبات الأمنية يكون الاستقرار الأمني والذي يسمح للنازحين بالعودة الطوعية وتنطلق التنمية والإعمار بقية الوزارات بالسلطة موجودة أصلاً على مستوى الحكم الولائي ولذا لا أرى ضرورة لوزارات ديكورية لن تزيد مواطن دارفور غير إرهاق لكاهله وبجانب ذلك أرى ضرورة ترك قادة دارفور ونخبها لخلافاتهم جانباً من أجل مصلحة دارفور والآن اتسعت دائرة السلام بانضمام القائد حمدين إسماعيل ومجموعته المنشقة من مناوي وهؤلاء إضافة حقيقية لاستقرار دارفور وحتى تكتمل الصورة لا بد من توفيق أوضاع المجموعة الكبيرة والتي انشقت من القائد دبجو ولتفويت الفرصة من أمام قوى الشر المتربصة بالسودان لا بد أن يكون سلام دارفور هدفاً إستراتيجياً بعيداً عن الصراع حول المصالح الذاتية. وحتى لا يكون ثمن الحرب سيارة ووزارة وسكن فاخر وهنا ضاعت المباديء وضاع مواطن دارفور في معركة الصراع بين المباديء والمصالح وليت ولاة ولايات دارفور الجدد أن ينتبهوا أولاً لمسألة الأمن ولا يتأتى ذلك إلا بجمع السلاح وهذا يتطلب إيجاد آلية قوية لجمع السلاح يقودها مفوض الترتيبات الأمنية ولأهمية هذه المفوضية لا بد أن تكون مركزية تابعة لرئاسة الجمهورية لضمان فعاليتها لتحقيق الاستقرار والأمن المنشود وانطلاق التنمية ورتق النسيج الاجتماعي وتعود دارفور سيرتها الأولى رافداً مهماً لدعم الاقتصاد السوداني. نقلا عن صحيفة التيار 26/7/2015م