ليست هذه هي المرة الأولى التي سيدخل فيها رجل حماس الأول خالد مشعل مبنى الكرملين، ليلتقي الرجل القوي بروسيا فلاديمير بوتين. فبعد فوز حركة المقاومة الإسلامية «حماس» بالانتخابات التشريعية في يناير / كانون الثاني 2006، وتشكيلها الحكومة الفلسطينية العاشرة، سارع الكرملين بدعوة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس مشعل إلى زيارة موسكو، والتقى برئيسها فلاديمير بوتين، ووزير خارجيتها سيرجى لافروف. ثم تواصلت اللقاءات والاتصالات بين روسيا وحركة حماس. لكن هذه الزيارة تكتسي أهمية كبرى، كونها تأتي في سياق متغيرات كبيرة شهدها الاقليم، ولعل أهمها: تداعيات الربيع العربي على منطقة الشرق الأوسط والدور الأمريكي في تقسيم المنطقة مذهبياً واثنياً مع رسم خريطة جغرافية جديدة على غرار سايكس بيكو تهدد المصالح الروسية الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط. الأزمة الأوكرانية. الأوضاع في الشيشان، والارهاب في المنطقة. خارطة التحالفات والتموضعات الاقليمية والدولية. قبل أسبابيع زار مبعوث روسي كبير قطاع غزة والتقى أعضاء في المكتب السياسي لحركة حماس. وجرت الزيارة ضمن أجواء من التكتم والسرية، حتى جاء اللقاء الأخير الذي جمع خالد مشعل بوزير الخارجية الروسي في العاصمة القطرية الدوحة، والذي وجه لافروف خلاله دعوة رسمية للسيد مشعل لزيارة الكرملين. فماذا تريد روسيا من حماس؟ وماذا تريد حماس من روسيا؟ أولاً: ماذا تريد روسيا من حماس روسيا تريد أن تستفيد من قدرة حماس على التأثير على صناع القرار في بعض الدول ولدى التنظيم العالمي لجماعة الاخوان المسلمين، واقناعهم بخطورة المخطط الامريكي المقبل على تقسيم المنطقة طائفياً بما يهدد مستقبل الأمن الاقليمي في المنطقة ككل. قد ترى روسيا أهمية اقناع حركة حماس بالعودة لدمشق، وأن تعمل على ترميم العلاقة مع طهران. تحسين صورة روسيا أمام العالم الإسلامي، من خلال علاقتها بحركة إسلامية كبيرة تحوز ثقة العالمين العربي والإسلامي وهي حركة حماس، ما قد يدفع المقاتلين العرب إلى العدول عن المشاركة في القتال ضد روسيا في الشيشان. التلويح بورقة حماس أمام اللوبي اليهودي المسيطر على الاقتصاد الروسي والذي يعمل على إضعاف روسيا، والذي يعمل بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية. تراجع دور الولاياتالمتحدة في المنطقة يشكل فرصة لإنهاء نظام القطب الواحد، وعودة النظام الدولي إلى نظام متعدد الأقطاب. دعم حماس لموقف روسيا في الأزمة الأوكرانية، على غرار موقفها السابق من قضية الصراع مع جورجيا، واعتبار حماس قضية الشيشان مسألة روسية داخلية لا يجوز لأحد التدخل بها. ثانياً: ماذا تريد حماس من روسيا 1- اختراق الحصار الدولي المفروض على الشعب الفلسطيني بعد فوز حماس بالانتخابات التشريعية في يناير 2006. 2- رؤية حماس الإستراتيجية المتمثلة في ضرورة الانفتاح على العالم، وتوضيح طبيعة الصراع وأدواته للعالم. 3- روسيا أحد أركان الرباعية الدولية، ومن خلال علاقات متينة مع روسيا يمكن أن تحدث اختراقا في إنهاء شروط الرباعية الدولية المطلوبة من حركة حماس. 4- الحصول على دعم سياسي واقتصادي ومالي وعسكري من موسكو. توصيل رسائل لحلفاء إسرائيل بأن قوة الفعل السياسية والعسكرية والأمنية لحركة حماس في المنطقة في تصاعد، فعليكم إعادة النظر في إستراتيجيتكم من عزل حركة حماس عن المشهد. استفادة حركة حماس من علاقتها مع روسيا، من تعزيز علاقاتها مع حلفاء روسيا، في الكاريبي وآسيا الوسطى، مما قد يساعد الحركة في الاختراق السياسي وتعزيز جبهة الممانعة الرافضة للاحتلال الصهيوني، وموقف فنزويلا وبوليفيا والبرازيل والأرجنتين من الحرب الأخيرة خير دليل. أن تؤدي روسيا دوراً في حماية مخيمات اللاجئين بسوريا وتوفير كل أشكال الدعم والحماية لهم. أن تؤدي دوراً ايضا في تنفيذ تفاهمات التهدئة بين اسرائيل والمقاومة ونزع فتيل الانفجار الذي يخيم على قطاع غزة نتيجة الحصار وتأخر الإعمار. أن تؤدي روسيا دوراً في مهماً في ملف المصالحة وتوحيد الوطن. - فتح مكتب تمثيل لحركة حماس داخل روسيا. الخلاصة زيارة مهمة لحركة حماس إلى الكرملين، ستكون بمثابة نقطة تحول للحركة من خلال ممارسة دبلوماسية نشطة لن تقف عند أبواب الكرملين، بل قد تذهب بعيداً نحو امريكا اللاتينية وآسيا الوسطى في اطار استراتيجية تجلب الدعم للقضية الفلسطينية ومقاومتها الباسلة، وتشكيل لوبيات ضغط على أوروبا والولاياتالمتحدة التي تتعامل بازدواجية معايير مع الملف الفلسطيني، بحيث تصنف حماس بالتنظيم الإرهابي مقابل أنها تعترف بأكثر الحكومات ارهابية بالعالم وهي حكومة اسرائيل التي قامت بحرق الرضيع علي دوابشة قبل ايام. المصدر: القدس العربي 6/8/2015م