ها هم الأمريكان يقدمون النصائح والمواعظ في عاصمة المشروع الحضاري الخرطوم حول التطرف، ويبحثون عن أسبابه ويقترون له حلولاً، فقد نظمت السفارة الأمريكيةبالخرطوم بالتعاون مع مجلس الشباب العربي والإفريقي ندوة أمس الأول السبت بالخرطوم عن ظاهرة التطرف الديني وسط الشباب الأسباب والحلول، تحدث فيها الداعية الأمريكية الجنسية السوداني الأصل محمد حاج ماجد. الطرف الآخر المنظم للندوة المتمثل في مجلس الشباب العربي والأفريقي هل استعرض جملة المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية التي يعاني منها الشباب ثم وجد أن التطرف أهملها وأكثرها إلحاحاً فسعي إلى معالجة هذه المشكلة بالندوة المشار إليها أنفاً؟ وهل الأمريكان مؤهلون ليتحدثوا لنا عن التطرف وحكومتهم تمارس التطرف عبر إدارتها المتعاقبة ضد العالم الإسلامي فتسقط الحكومات وتصلي الشعوب المسلمة نيرانها تقتل البعض وتعوق الآخرين من أجل نشر ديمقراطيتهم المدعاة؟ وهل هناك تطرف أكبر من الذي تمارسه الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ضد أهلنا المسلمين في فلسطين بدعم كامل وثابت من كل الإدارات الأمريكية؟ وهل التطرق ديني فقط؟ أم أن هناك تطرفاً عرقياً وسياسياً؟ أولي مظاهر عدم التوفيق في الندوة أن المنظمين لها رأوا أن يبدأا بآيات من القرآن الكريم .. وليست هذه هي المشكلة وعدم التوفيق، بل إنهم أعقبوا ذلك بتلاوة شيء من الإنجيل!! فكيف يساوى القرآن المحفوظ من التحريف من الله تعالي الذي تكفل بحفظة (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) مع الإنجيل الذي أثبت بعض النصارى أنفسهم وبعض الغربيين أنه محرف؟ الدكتور حاج ماجد ركز في حديثه على الأسباب الاجتماعية والنفسية والفكرية للتطرف ثم طفق يصف لها بعض الحلول، وتناسي تماماً الأسباب السياسية التي تساهم فيها الإدارات الأمريكية المتعاقبة بنصيب وافر في صناعة ورعاية التطرف في العالم الإسلامي، ليس بسبب دعمها المتواصل للحكومة الإسرائيلية المحتلة والمغتصبة للحقوق الإسلامية في فلسطين فحسب، بل بسبب تحريك أساطيلهم ومارينزهم وقواتهم لإسقاط الحكومات وتقتيل المسلمين ونشر الدمار والخراب في العالم الإسلامي حماية لربيبتهم إسرائيل ونهبا لثروات الأمة .. هذه هي أهم أسباب التطرف التي تغاضي عنها الداعية الأمريكي وتجاهلها مجلس الشباب الإفريقي والعربي. لم تخل الندوة من بعض الإشراقات نحتم بها للأمانة، فقد صب نائب الرئيس حسبو عبد الرحمن جام غضبه على الغرب الذي اتهمه بدعم التطرف، كما أشار إلى التطرف العلماني في كلمته.. ورئيس مجمع الفقه الإسلامي الدكتور عصام أحمد البشير استنكر أيضاً في كلمته المعايير المزدوجة التي يتعامل بها الغرب تجاه القضايا الإسلامية. نقلاً عن صحيفة الصيحة 2015/8/10م