(تحليل سياسي) قال رئيس حزب الامة الومي فى السودان السيد الصادق المهدي (ان انتخاب المؤتمر الوطني سوف يقود الى انفصال جنوب السودان انفصالاً عدائياً ) ! حسب وصفه ، و اضاف المهدي فى حديث لصحيفة الشرق الاوسط بالعاصمة المصرية القاهرة أواخر الاسبوع الماضي ،ان الجنوبيين سوف يرفضون الوحدة فى ظل الوضع المتردي الحالي فى الاقليم ، و ان بامكان من أسماهم المهدي بالقوى الديمقراطية – على حد تعبيره – ان يجعلوا من انفصال الجنوب أخوياً ! و لم يستطع المهدي فى رده على اسئلة الصحيفة الطعن فى حيادية مفوضية الانتخابات العامة فى السودان قائلاً : انها تحاول ان تلعب دوراًحيادياً و قومياً. و ما من شك ان السيد المهدي الذى اشتهر فى الاوساط السياسية السودانية بقدر غير قليل من التناقضات فى المواقف و الرؤي السياسية يعيد الآن فى هذه التصريحات ذات متناقضاته وإشاراته المختلطة ، ذلك ان من الصعب على أى مراقب منصف ان يفهم قول المهدي ان انتخباب المؤتمر الوطني سيقود لانفصال الجنوب انفصالاً عدائياً ! فالمهدي الذى يتعد بأنه ديمقراطي و يعشق الديمقراطية يرفض هنا الديمقراطية اذا قادت لإنتخاب المؤتمر الوطني ، بمعني آخر فان أى اختيار شعبي للمؤتمر الوطني يعتبره السيد الصادق عمل غير ديمقراطي من شأنه ان يقود الى كارثة تفضي الى انفصال اقليمجنوب السودان انفصالاً عدائياً !مع ان الارادة الشعبية أمر يخص جموع المواطنين السودانيين و رؤاهم ومواقفهم من أى حزب ، إذ لا يعقل ان يقف قائد حزب سياسي و يحجر على المواطنين السودانيين رؤاهم ، بل يخوفهم من أنهم اذا اختاروا المؤتمر الوطني فسوف يكونوا قد أسهموا فى فصل جنوب السودان انفصالاً عدائياً ! ان الكارثة هنا لها جانبين: جانب يتعلق (بوصاية) أقامها السيد المهدي على المواطنين السودانيين طلب منهم فيها الا ينتخبوا المؤتمر الوطني حتى لا ينفصل الجنوب انفصالاً عدائياً ،و الجانب الآخر يتعلق بافتراض لم يورد له المهدي حيثيات أو أسباباً موضوعية يربط ما بين اختيار السودانيين للمؤتمر الوطني حاكماً بارادتهم و انفصال الجنوب ، على إثر هذا الاختيار الديمقراطي . فاختيار اى حزب اختياراً شعبياً عبر صناديق الاقتراع حق من صميم حقوق السودانيين و هم ليسوا مسئولين عن ما ينتج او يترتب على ذلك الاختيار لأنهم – ببساطة شديدة – لديهم تقديراتهم و و إراداتهم و إدراكهم للأمور و فوق ذلك لديهم الثقة فى انفسهم بما لا يجعلهم فى حاجة الى نصح الناصحين وتخويف المخوفين. فنحن هنا لا شأن لنا بالدفاع عن المؤتمر الوطني اواى حزب آخر و لكننا نتحدث عن عدم جواز تخويف المواطنين او تحميلهم لوزر اختيار هذا الحزب او ذاك ، فالأمر هنالا يتسق مع النهج الديمقراطي الذى عرف عن الامام المهدي ! ومن ناحية اخري فان المهدي ايضاً دون حيثيات او مقدمات موضوعية أورد افتراضاً (من بنات خياله) بأن هناك انفصالاً عدائياً و هناك بالمقابل انفصالاً أخوياً ولا ندري لماذا يكون الانفصال عدائياًُ اذا أتت الارادة الشعبية بالمؤتمر الوطني و اخوياً اذا أتت بقوي سياسية اخري ؟ يا تري أين يكمن السر هنا ؟ ثم ما الذى يجعل الانفصال نفسه عدائياً طالما أنه سوف يتم – اذا قدر له ذلك – بصناديق الاقتراع ؟ و ما هى مصلحة الجنوب فى معاداة الشمال وقد منحه الشمال حقه فى تقرير مصيره ؟ ان الأمر هنا أشبه بحدوتة و قصة (ما قبل النوم) التى يحكيها الكبار للأطفال !