يشكك المواطن الأمريكي العادي في المساعدات الخارجية التى تقدمها حكومته وسط تقارير متواصلة على مدى السنوات الماضية حول الهدر والغش والفساد، وهذا بالتاكيد يضع اعضاء الكونغرس في موقف حرج للغاية حيث يعلم الكثير منهم ان الدبلوماسية والمساعدات الانمائية تساعد على خلق فرص عمل في الداخل من خلال فتح الاسواق الخارجية وعدم امكانية الحفاظ على الأمن القومي بدون تقديم مساعدة الدول الاخرى لمكافحة الإرهاب ومنع الانتشار النووي ولحل النزاعات سلميا كما يدرك الكونغرس ان الدول الفقيرة ستكون اقل قدرة بدون مساعدة من الولاياتالمتحدة على مكافحة الجوع وسوء التغذية والسيطرة على الامراض الوبائية. معظم اعضاء الكونغرس بالتاكيد لديهم مصالح واهتمامات مسبقة وحسابات ربما تكون بعيدة تماما عن مصالح ناخبيهم ولكن المشكلة الحقيقية تتمثل في نقص البيانات والادلة التى تؤكد « الاهداف السامية « للمساعدات الخارجية الأمريكية إذا رغب احد اعضاء الكونغرس في محاسبة الحكومة، هذا الامر في طريقه للتغيير حيث قدم بعض اعضاء الكونغرس من مجلسي النواب والشيوخ مشروعا يتطلب من الرئيس الأمريكي نشر معلومات شاملة وقابلة للمقارنة حول المساعدات الخارجية الأمريكية من اجل التاكد من رصد وتقييم برامج المساعدات بشكل صحيح مما يعنى قدرة الشعب الأمريكي في نهاية المطاف على معرفة كيفية انفاق اموالهم في الخارج. وقد اتخذت ادارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما للانصاف خطوات مهمة نحو زيادة الشفافية والمساءلة حول المساعدات الخارجية حيث اعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية في عام 2011 هيلاري كلينتون ان الولاياتالمتحدة ستشارك في مبادرة المعونة للشفافية الدولية التى تهدف للحفاظ على مستودع من البيانات على الانترنت حول مساعدات الجهات المانحة كما قامت وزارة الخارجية بمساعدة من الوكالة الأمريكية للتمنية الدولية بانشاء موقع على الانترنت يعرض ميزانية المساعدات الخارجية والانفاق كما زادت الوزارة من التزامها عبر اجراء التقييمات للمساعدات الخارجية المستقلة. هذه الخطوات مهمة ولكنها وفقا لاقوال الخبراء غير كافية اذ لا تشارك في هذه المبادرات سوى وكالات محدودة تنفذ برامج المساعدات من أصل 20 وكالة تقوم بهذه المهمة كما ان معظم المعلومات ناقصة وغير موثوق بها، ووفقا لمؤشر الشفافية فان وكالة أمريكية واحدة فقط حصلت على تصنيف جيد جدا في حين حصلت معظم برامج المساعدات التى تقدمها وزارات الدفاع والخزينة والدولة على مؤشر سيء جدا. وتحاول وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية تقييم برامج المساعدات بشكل افضل ولكن التقييمات ما زالت ضبابية بشكل عام حيث لا تقوم الكثير من الوكالات بعمليات تقييم وفي حالات قليلة تم تصميم عمليات التدقيق والتحقيقات التى تقوم بها الهيئات الرقابية بطريقة تهدف لتحديد ما إذا كان انفاق الاموال كان على النحو المنشود. المواطن الأمريكي العادي في نهاية المطاف لن يعكف على مراجعة تفاصيل برامج المساعدات لتحديد ما إذا كانت الأموال تنفق بشكل جيد ولكن وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني في البلدان المستفيدة لديها بالتاكيد حافز قوى لفعل ذلك لان هناك امكانية على الاقل للحصول على بعض بيانات المساعدات الموثوقة، على سبيل المثال، لماذا لا تستخدم المنظمات العربية غير الحكومية هذه البيانات لمراجعة البرامج العسكرية والاقتصادية التى تقدمها الولاياتالمتحدة لاسرائيل بدون رقيب ومدى تجاوزها للكثير من القوانين والتشريعات الأمريكية ؟. الشفافية في المعونات هي أكثر من مجرد حق المواطن في السؤال والمعرفة فهي تهدف لتسخير البيانات لاتخاذ القرارات الجيدة وتعزيز العمليات الديمقراطية في البلدان المستقبلة للمساعدات والتاكد من ان المساعدات الخارجية تحقق قدرا من التاثير الايجابي. المصدر: القدس العربي 3/11/2015م