* سافوتة، في قاموس اللهجة العامة في السودان، خيط صغير يبرمه الصبية ويحشرونه في أنف النائم منهم، أو في أذنه، فيهب مذعوراً، قلت، وذلك من معابثة الصبيان، ومن استخداماتها المجازية أن يقول الواحد (يا زول ما تعمل لينا سافوتة في رأسنا، ويقول أهل غرب السودان، ما تعمل لينا أم كرن كرن في رأسنا) هذا إذا ألح في كلام مزعج أو غير منتج، وقد أعاد الدكتور نافه على نافع للذاكرة مفردة سافوتة، عدما وصف فعل المعارضة مع الحكومة بأنه سافوتة في أضان فيل، ويقال أيضاً ناموسة في أضان فيل، وخيط السافوتة (قطعاً) أقل من حجم الناموسة، ولما كانت الدعوة للحوار الشامل، شاملة، حيث إنها لا تستثني أحداً، وأيضاً من كون إنها لا تحجر على أي صاحب رأي أن يقول رأيه، وها قد سمع الناس رأي من يدعو لإقامة علاقات مع دولة الكيان الصهيوني إسرائيل، مع إنها دولة مغتصبة، وتمارس إرهاب الدولة على أصحاب الأرض من الفلسطينيين، وفلسطين هي الدولة الوحيدة في العالم التي تقع تحت الاحتلال، بعد ما نسي الناس أو تناسوا فظائع الاحتلال الاستيطاني منذ بدايات النصف الثاني من القرن المنصرم، هذه الدولة إسرائيل غير مؤهلة أخلاقياً أن تقام معها علاقات كاملة، وها هي بعض دول الإتحاد الأوربي تقاطع المنتجات الزراعية، المنتجة في المستوطنات الإسرائيلية، باعتبارها استثمار في أراض مغتصبة، شرد منها أهلها، وهجروا قسراً، هذا غير القتل والتنكيل والاعتقال الإداري، والسجن المؤبد بأضعاف مضاعفة، ومع كل ذلك لا تعدم أروقة الحوار ومنصاته من المجاهر بإقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل، ولا بمن يطالب بتقسيم بلادنا إلى دويلات تقوم على أساس قبلي عنصري، وغير ذلك من الآراء الشاذة، فماذا إذا كان للمعارضة رأي موضوعي آخر. وهكذا لم يذهب دكتور نافع بعيداً عندما وصف فعل المعارضة بأنه سافوتة في أضان فيل، لأن من أراد أن ينقل رؤيته من مجال التنظير إلى خانة الفعل فعليه إقرار مبدأ الحوار، وأن يجلس مع المتحاورين على طاولة الحوار، لأن الحكومة قد وقعت (شيك على بياض، كارت بلانش) على مخرجات الحوار التي يتفق عليها، وليس أدل على صدق المؤتمر الوطني في اعتماد الحوار الوطني الشامل حلاً لكل أزمات بلادنا ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، من تسمية ممثليه في لجان الحوار الست من أعلي الكوادر تأهيلاً وخبرة ودراية كل في مجاله، وليس للمؤتمر الوطني غير ممثل واحد في كل لجنة، فنجد، د. فيصل حسن إبراهيم، في لجنة قضايا الحكم والإدارة، ود. محمد خير الزبير، في اللجنة الاقتصادية ود. أمين حسن عمر، لجنة السلام، ود. كمال حسن علي، في لجنة العلاقات الخارجية، ود. بدرية سليمان، في لجنة الحريات، ود. أزهري التجاني، في لجنة الهوية، ولكل واحد من هؤلاء موقعه التنفيذي أو التنظيمي، ولديهم من المشاغل والمشاكل ما يكفيهم، ومع ذلك فهم يعملون بالكامل في لجان الحوار، ويقولون جلسنا لنتفق لا لنختلف، شعارنا الاحترام المتبادل لبعضنا البعض، ونؤمن بتعدد الألسن والثقافات، وبضرورة التوازن بين المجتمعات، لتدعيم ركائز الهوية، ونبحث عن كيف يحكم السودان بإعادة النظام الذي ترتضيه الغالبية العظمي، هل هو رئاسي أم برلماني أم مزيج من هذا وذاك، وكل قضايا الخدمة المدنية، والقضاء والأمن، والحكم اللامركزي، وكفالة والحريات، ومبدأ التساوي في المواطنة والحقوق والواجبات، والنظر في المناهج، وإعادة كتابة التاريخ، وكل ذلك وغيره من مختلف القضايا، إذا على المعارضة التي تقتات على (الهفوات) أن تنتقل إلى مائدة الحوار ليتكلموا حتى نراهم، بدلاً من هذه السافوتة التي لن تؤثر على مسيرة فيل الحوار. نقلاً عن صحيفة الرأي العام السودانية 2015/11/15م