ثمة علاقة وثيقة بين الشجرة والزراعة والبترول كعلاقة الروح بالجسد وكلها نتاج تفاعلات مناخية وفق ناموس رباني دقيق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه (أرايتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون)... (أرأيتم النار التي تورون أأنتم أنشأتم شجرها أم نحن المنشأون).. والشجرة ذكرها المولي عز وجل في أيات مقدسات مدحا- السدر المخصود – والطلح المنضود- والعنب والقضب – والزيتون والنخل- والحدائق الغلب – والفاكهة والأب- وذكرها قدحا – الشجرة الملعونة – وشجرة الزقوم.. في الايام الفائتة كانت شاشة التلفزيون تتوشح بالعبارة الاتية (الزراعة بترول السودان الحقيقي) نري في ثنايا هذا الشعار تقليل من شأن الزراعة كسياسة الخصخصة التي أصابت المشاريع الزراعية بفقر الدم.. والزراعة واجب أن تكون المرتكز الأساس لنهضة السودان- الذي عرف كسله غذاء العالم والبترول يجب ان يكون قوة دفع لها لا أن يكون هو الاصل وهي الفصل..! ألم يرقد السودان علي أخصب أرض في العالم..؟ العالم الذي يعاني من فجوة غذائية في المستقبل القريب كما قرر اخر مؤتمر عقد في مدريد بهذا الصدد. التاريخ يوضح لنا أن الحضارات – بشقها المادي تبدأ زراعية ثم تتطور للمراحل الأخري والمكون الاخر هو الفكري والثقافي – ونحن بحمد الله أمة ثقافية ترتكز علي العمل الصالح والانتاج.. (ان الذين امنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا).. ورسولنا صلي الله عليه وسلم يحثنا علي الزراعة حتي ساعة قيام الساعة لو قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فاليغرسها.. هذا يوضح بجلاء اهتمام عقيدتنا بالزراعة والأول والتفاؤل. السودان الذي يتمدد طولا وعرضا في مساحة زراعية قدرها 250 مليون فدان المستقبل منها 5 ملايين فدان فقط وكذلك حياه المولي عز وجل بكميات وفيرة من المياه الهاطلة والجارية والجوفية. الشجرة اتخدها المؤتمر الوطني شعارا له في الانتخابات الفائتة ووفق ايما توفيق في هذا الاخيار واستطاع يحقق نصرا مريحاً يخول له رسم السياسات المستقبلية لهذا البلد لأن الأحزاب القديمة أصابتها الشيخوخة السياسية وأضحي نهجها غير مواكب لهذا الجيل.. المفارقة الكبري أن الزراعة في سنوات المؤتمر الوطني العشرين التي خلت شهدت أسوأ حالاتها وغول الخصخصة التهم المشاريع بشراهة فظيعة أصابت المزارعين بالفقر المدقع. تفجر البترول أفراح الشعب السوداني وظن ان سحابة الرخاء بدأت في الهطول عليه بردا وسلاما .. كما رأي اخوته في دول الخليج وحلم بمجانية التعليم والعلاج ودعم الزراعة ولكن ماذا في حملة حتي يقضي الله أمرا كان مفعولاً .. المشكلة الزراعية تحتاج الي عملية جراحية بواسطة خبراء صادقون يحملون حب الوطن في قلوبهم طرحت الدوحة النفرة الزراعية فكانت جعجعة بلا طحين فراحت الأموال في عربات استفاد منها نفر محدد وطلمبات أصابها العطب قبل تدور ماكيناتها أما النهضة الزراعية مازال اثرها ضعيف علي حسب رأي المزارعين أن الحروب القادمة.. حروب غذائية ومائية والسودان الأكثر امتلاكا لهذه المقومات اذا توفرت الارادة الصادقة والنوايا الحسنة ولا نريد أن ينطبق علينا قول الشاعر: كالعيس في البيداء يقتلها الظما والماء فوق ظهورها محمول فلابد للدولة أن تنفق بسخاء علي الزراعة لأن اجرها مضاعف في الدنيا والاخرة كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبه – وهي مائة خطوة نحو الازدهار الاقتصادي العالمي وما زال شبحها يخيم علي العالم. عليه يجب توعية المزارع وتدريبه أحسن تدريب وجعله يطرق ابواب المحاصيل النقدية الي تدر عليه الرباح الطائلة.. والوطن العملاق الذي ننشد لاينهض الا بالزراعة. نقلا عن صحيفة الوان السودانية 19/5/2010م