(فرحنا) جداً جداً عندما تمَّ الإعلان عن التوسع في مساحات القمح لتصل الى ما يقارب (700) ألف فدان في كل السودان منها (400) ألف فدان بمشروع الجزيرة.. (قلنا) إن التوسع في مساحات القمح سيقلل من الفجوة التي بلغت (84%) ولكن التصريحات التي أدلى بها مدير مشروع الجزيرة عن تقلص مساحات القمح إلى (210) ألف فدان من شأنها أن تؤدي الى تعميق الفجوة فالحديث عن التركيبة المحصولية وحرية اختيار المزارع في ما يريد أن يزرع يصبح غير مفيد في هذه المرحلة الحرجة التي نمر بها حيث أننا مازلنا نستورد القمح بكميات كبيرة.. فلماذا إذاً لا نصر على ضرورة زراعة القمح كما نريد وليس كما يريد المزارع وتكون في شكل قرار يلزم المزارعين بزراعة القمح ولا نترك لهم حرية الاختيار حتى وأن نصّ قانون مشروع الجزيرة للعام (2005) على ذلك فمن السهل جداً أن نتجاوز البند الذي نص على حرية الاختيار مادام أننا في حاجة الى التوسع في القمح. الآن الحديث عن التوسع أصبح مجرد هباءً منثوراً. (فرحنا) ويا فرحة لم تكتمل لنتفاجأ بتقليص المساحات ومادام أن التقليص بدأ بالجزيرة؛ أيضاً ولايات الشمالية ونهر النيل ستعلن التقليص كذلك. وعلى ما يبدو أن المزارعين في الشمالية سيكون لديهم حق في (التقليص) إذا حدث؛ لأن شتاء هذا العام غير مبشر كما أكدت ذلك هيئة الإرصاد الجوية التي قالت إن المناخ من ديمسبر وحتى أبريل فوق المعدل الطبيعي أو أقل من المعدل بقليل الأمر الذي يؤكد بأن الشتاء ضعيف، ومادام الشتاء (فوق) المعدل فإن القمح حتماً لن يكون ناجحاً بكل المقاييس خاصة في ولايات الشمالية ونهر النيل حيث يعتمد المزارعون هنالك على الطقس فحتى وأن زرع فالإنتاجية ستكون ضعيفة للغاية ويصاب المنتج بأمراض ارتفاع درجات الحرارة وحينها سيخرج المزارع بكثير من الخسائر التي تقعده عن الإنتاج الموسم القادم.. فالأشياء مرتبطة ببعضها.. فضعف الإنتاج يقلل من حماس المنتج. فلماذا لا نفكر ونبدأ في إنتاج تقاوي مقاومة لدرجات الحرارة فهيئة البحوث الزراعية مليئة جداً بكثير من العلماء القادرين على إنتاج التقاوي المقاومة لدرجات الحرارة. فأكثروا منها وإن عجزتم عن ذلك بسبب (المال) فابرزوا المعضلة حتى لا ترمى (اللائمة عليكم). ولا أظن أن شيئا غير المال يقف في طريقكم.. فالعقول مشبعة (بالعلم والمعرفة). الحديث عن التوسع لا تكتمل حلقاته إلا بتكامل الأدوار بدءاً من التحضيرات ثم الزراعة في ميقاتها ثم الري المنتظم والمتابعة اللصيقة وتوفير التمويل اللازم.. كل هذه الأشياء في حزمة سُميت (بالحزم التقنية) أطلقها البروفيسور أحمد علي قنيف عندما كان وزيراً للزراعة.. فالآن نحن بحاجة الى (الحزم التقنية) التي رفعت من الإنتاجية الرأسية والإنتاجية الأفقية.. فالسودان بحاجة الى الإنتاجية الرأسية لتقليل الفجوة من محاصيل الأمن الغذائي والمحاصيل الإستراتيجية التي لا غنى لأهل السودان عنها.. فبدون الذرة لا أظن أن أهلنا بالوسط (سيعيشون) وكذلك أهل الشمال (لا يعيشون) بدون القمح أو كما قال (الاقتصاديون) إن القمح لم يكن (للقراصة) وإنما هو سلاح يمكن إشهاره في ظل الحظر الاقتصادي المفروض على السودان (رضينا) أم (أبينا) فالشتاء غير الناجح من شأنه أن يقضي على خضار الصيف لذا لابد من وضع كل الاحتياطيات من أجل موسم شتوي ناجح بكل المقايس وإلا سنظل نستورد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.. و(يا جماعة) نحن (الناقصنا شنو عشان نستورد؟) كل شيء متوفر (فالمويه) التي تعاني من عدمها كثير من الدول قد حبانا الله بأطول نهر في العالم، بالإضافة الى (الغيث) حيث تجود علينا السماء بماء منهمر.. علينا أن نضع السياسات وننفذ مع العزيمة والإصرار «فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ».. «أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ».. «أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ». صدق الله العظيم فعلينا أن نزرع مع الوضع في الاعتبار أن كل شيء بيد الله سبحانه وتعالى وعلينا (أن نعقلها ونتوكل). فأكثروا، سادتي، من الأصناف المقاومة للحرارة وزيادة مساحات الأمن الغذائي. فهل يعقل مثلاً أن يتم زراعة (العدسية) مثلاً في مشروع بقامة الجزيرة؟ نعم شاهدت ذلك بأم عيني عندما طفت بعض أقسام مشروع الجزيرة، رأيت (العدسية) مزروعة في مساحات كبيرة جداً بينما هذه المساحات كان يجب الاستفادة منها في زراعة محاصيل إستراتيجية تقينا مد يد العون والمساعدة وتقينا شر الاستيراد.