قطعت المملكة العربية السعودية علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، بسبب موقف السلطات في الأخيرة من مسألة حماية البعثة الدبلوماسية ومساهمتها الواضحة في تسهيل تعرض سفارة المملكة وقنصليتها في طهران ومشهد للتخريب والحرق والنهب. هذا هو السبب المباشر، والذي أغضب الإدارة السعودية، لكنه كان القشة التي قصمت ظهر صبر المملكة، بعد تحرشات وممارسات إيرانية مست دائرة الأمن القومي السعودي والخليجي والعربي، لم تعد قابلة للتمرير أو السكوت عنها، من دون وضع الموقف بين طهران والمنظومة العربية والإقليمية موضع الصراع بدرجاته المتقدمة. وتأتي عملية تنفيذ المملكة حكم الإعدام الذي صدر عام 2014 بحق السعودي الشيعي، نمر باقر النمر، بعد إدانته بالتحريض على الاحتجاجات الحاشدة التي شهدتها منطقة القطيف، شرقي السعودية، عام2011، المحرك الذي تم اختياره بدقة، فيما يبدو لرفع حالة المواجهة بين المشروعين، العربي الإسلامي بقيادة السعودية، والطائفي الإيراني بمساعدة أذرعها النشطة في العراق ولبنان واليمن والبحرين. السودان لم يتأخر في إبداء تضامنه مع السعودية، حيث أعلن طرد السفير الإيراني، جواد تركبادي في خطوة بدت مفاجأة مع بلد كان حتى وقت قريب يصنف "حليفاً "، الأمر الذي اعتبر دليلاً على توتر مكتوم وليس "تكتيكاً" مرتبطاً بمرحلة زمنية. القيادة السودانية بدأت منذ أكثر من عام اتصالات وابتعثت رسلاً في زيارات معلنة وأخرى سرية إلى عواصم خليجية مؤثرة وعززت ذلك بتطمينات عملية أبرزها الابتعاد عن إيران، وأغلقت المركز الثقافي الإيراني في الخرطوم، وتهيأت لها فرصة ذهبية بالانضمام إلى التحالف العربي لإعادة الشرعية في اليمن مما نقل العلاقات السودانية الخليجية إلى مرحلة جديدة. ويبدو أن ما شجع الخرطوم على تبني مواقف متشددة تجاه طهران، هو الارتياح الشعب لتقليص علاقتها مع إيران وعدم وجود مصالح حقيقية بين البلدين، حيث إن الشعب السوداني كان يشعر بأن علاقة حكومته مع إيران عبء عليه، وخصماً على صلاته ومصالحه مع دول الخليج وبقية الدول العربية. قرار الخرطوم رغم تباين المواقف الداخلية تجاهه، سيقطع الطريق على المتشككين في أن تحول السودان من المحور الإيراني إلى الحلف العربي الجديد، مجرد تكتيك مرحلي لتعود بعدها الخرطوم إلى علاقاتها بطهران. وستطمئن أطرافاً عربية كانت تغذيها جهات أجنبية بعدم جدية السودان في الاندماج في محيطه العربي ودفع استحقاقات انخراطه في الحف الإقليمي الجديد. الإسلاميون المتعاطفون مع الثورة الإيرانية منذ 1979 وكانوا منظرون إليها كحليف إسلامي، ربما لا تعجبهم القطيعة مع طهران، غير أن تجربة السلطة جعلتهم أكثر "براغماتية" وبدت لغة المصالح لديهم تعلو على ما سواها. نقلاً عن صحيفة الصيحة 6/1/2015م