مع إستمرار وقائع مشروع الحوار الوطني, وقبل بلورة المخرجات النهائية للمشروع, وهي عملية ليست سهلة فإن من الصعب إن لم يكن من المستحيل أن يزعم أحد أنه قادر على التكهن بالنتائج والمخرجات, إذ على العكس تماماً, فإن أي زعم أو إدعاء مخرجات الحوار ستكون كذا وكذا، يعني أن الذي يقول بهذه المزاعم إنما يستهين بمصداقية المشروع والإجراءات المبنية على قواعد صارمة الهدف منها أن تمضى هذه الوقائع –مهما كلف الأمر– جادة وأمينة, وحافظة، لآراء ورؤى الجميع كبر أو صغر شأنهم. ومن المؤكد فى هذا الصدد وحال الفراغ من صياغة وتجميع المخرجات النهائية، فإن أوراق ووثائق المشروع –كما علمنا من مصادر موثوقة– سوف تكون متاحة للجميع حتى يتسنى للكل التأكد من إن كل رأى وكل وجهة نظر طرحت نالت حظها من الإهتمام المطلوب وأسهمت على نحو أو آخر فى الوصول إلى النتائج النهائية. وعلى ذلك فإن هنالك الآن أصوات ارتفعت وهى تتغنّى لسيناريوهات معينة فى إطار ما يمكن أن نطلق عليه (سبق سياسى) على غرار ما يعرف صحفياً ب(السبق الصحفى) فعلى سبيل المثال فإن الدكتورة مريم الصادق أوردت إحدى الصحف السودانية قبل أيام (نبوءة) لها قالت فيها إن (والدها) السيد الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي سيعود ويتولى رئاسة الوزراء فى السودان أو ما من شك إن مثل هذه) التنبوءات السياسية) -بغض النظر صدقها أو عدم صدقها- من قبيل إفساد المنتج الأساسي الذي قام عليه مشروع الحوار الوطني إذ أن الحوار كما هو معروف لم يقم من أجل (محاصصة سياسية) بأي حال من الأحوال, وحتى ولو كانت المحاصصة هذه واحدة من أهدافه غير المنظورة فإن (من غير الكياسة والحصافة), أن تجرؤ الدكتورة مريم -إنطلاقاً من حكم سياسى كهذا- على إفساد أجواء الحوار الوطني بعد أن أحرز نجاحاً منقطع النظير! مثل هذه التنبؤات تعنى ألا قيمة للحوار الوطني الجاري حالياً, فقد تم حسم المحاصصة! مهما كانت نوايا الدكتورة مريم, ومهما كانت منطلقاتها -محض تمنيات إبنة لوالدها, أو حقائق- فهي لم تكن موفقه سياسياً وأخلاقياً فى إطلاق مزاعم كهذه فى هذا التوقيت. وإذا جاز لنا أن نمضي أكثر فى تقليب هذا التصريح , فإن مما لا نختلف عليه إثنان أن السيد الصادق المهدي لديه أكثر من تجربة (غير موفقة) فى رئاسة الوزراء إذا قلنا إن تجربته الأولي فى العام 1968 إلى 1969 كانت لحداثة السن وقلة الخبرة حين لم يتجاوز عمره وقتها الثلاثين عاماً, فبماذا يمكن أن تترافع عن الرجل فى تجربته الأخيرة (الأكثر سوءاً) فى العام 1986 إلى 1989 وكان حينها عمره قد تضاعف لتجاوز ال(60) عاماً؟ إن الأمر فيما يبدو محاولة لترسيم حدود سياسية داخلية (من طرف واحد), تطوعت الدكتورة مريم بإندفاعها السياسي المعهود للقيام بهذه المهمة! أما وقد عكف المختصّون على صياغة وإدارة مشروع الحوار الوطني ولم يخرجوه إلى العلن بعد، فإن الكهانة السياسية لن تجدي نفعاً وقراءة الكف السياسي لن تفيد.