يجهل الكثيرون حقائق انتاج النفط وعائداته، بل حتى قصة استخراج النفط الحلم الذي أصبح واقعاً، وتلك قصة كبيرة يصعب سردها في عمود صحفى، ولكنها قصة انجاز ينبغى الاحتفاء به وعدم التفريط فيه ليصبح النفط عاملاً جاذباً لوحدة السودان بدلاً من ان يكون حافزاً للانفصال واعلان دولة وليدة في زمن يسعى فيه العالم للتوحد بانشاء التكتلات الاقتصادية والسياسية تحت مسميات عديدة بين الاتحاد الإوروبى ومجموعة الآسيان والدول الصناعية العشر ومجموعة العشرين وحلف النيتو وهلمجرا . وللذين لا يعرفون انتاج النفط وحقائق عائداته وأين ينتج النفط في الجنوب والشمال نقول ان النفط المنتج في الجنوب أكثر من الشمال، ولكن نأمل أن لا تكون هذه الكثرة حافزاً للانفصال وبناء الدولة الجديدة، كما نقول إن النفط المنتج بالشمال كافٍ فقط للاستهلاك المحلي وبذلك نفقد ايرادات النفط التي نتقاسمها الآن مع الجنوب، ولذلك يجب ان نكون حريصين على الوحدة أكثر من الانفصال. ومن هنا تتضارب استراتيجيات الشريكين فمنهما من يسعى الى الانفصال بحافز النفط لبناء الدولة، ومنهما من يجب ان يسعى الى الوحدة بدافع (وطن الجدود نبنيك بالارواح نجود.. ويا بلدي يا حبوب) وغيرها من المفردات الغنائية الرائعة التي شكلت وجدان الشعب السوداني ولذلك لابد من تصعيب مهمة الانفصال والعمل على جعل الوحدة أكثر جاذبية أكثر من كونها قراراً سياسياً بيد الحركة الشعبية وجيشها الشعبي ليفرض الانفصال على شعب الجنوب لارضاء أهواء بعض القيادات بالحركة الشعبية ويصبح الجنوب تحت الاطماع الدولية والاقليمية والأهواء الشخصية وتحل الفوضى، ولذلك لابد من النظر بكلية لهذه القضية المصيرية حتى لا يبقى مصير الجنوب والامة السودانية في يد فئة دون الأخرى. وعودة الى حقائق مواقع انتاج النفط بالجنوب والشمال، حيث تؤكد التقارير الرسمية ان النفط المنتج بالجنوب يقع في مربعات (7و3) بعدارييل بولاية اعالي النيل، في مربعات (1،2،4) التي تقسم على قسم (1أ) في الجنوب ، (1ب) في الشمال،(2أ) في الجنوب،(2ب) في الشمال،(5ب) حقل سرجاث يقع بنسبة (100%)في الجنوب، وبعد اتفاقية تحكيم ابيي تمت ايلولة حقل دفرا الى الجنوب وهجليج للشمال، بينما الحقيقة التي لا يدركها الجميع ان النفط المنتج بالشمال هو الآن فقط في حقل الفولة الذي ينتج (40) ألف برميل في اليوم تزود بها مصفاة الخرطوم بالجيلي التي ارتفعت طاقتها الى (200) ألف برميل يومياً الى جانب الحقول المشتركة في مربعات (1،2،4)، ولذلك نرى ان تصريحات الزبير أحمد الحسن وزير الطاقة الأخيرة حول أن (70%) من البترول موجود بالجنوب، وأن المنتج من البترول في الشمال يكفي للاستهلاك المحلي في حال الانفصال، وتأكيداته باستمرار جهود التنقيب عن البترول والمعادن الأخرى ومواصلة العمل في القطاع الزراعي والاستثمارات والانفتاح نحو العالم الخارجي، وان كانت صحيحة فإنها تحمل اعترافاً ضمنياً بأن الانفصال واقع ، وان النفط حافز لهذا الانفصال، كما تحمل تطمينات الى أهل الشمال بأن امدادات النفط كافية للاستهلاك المحلى وان الاسعار لن ترتفع، ولكن بالمقابل هنالك خطر نقص فى الموارد من أين للحكومة أن تسد هذا النقص؟. من الواضح ان الشريكين يعرفان هذا الخطر على الجنوب والشمال ولكن الواقع يفرض عليهما الانفصال، كما يفرض عليهما استمرار تصديرالنفط عبرالشمال الى نحو سنوات بل وقد يفرض هذا الواقع تقاسم النفط حتى اذا اختارشعب الجنوب الانفصال بارادته اوبارادة مزورة،أعتقد ان الزبير أحمد الحسن شخصّ هذه الحالة بوصفه لتصريحات مارتن ماجوت ياك السكرتيرالقومي للتنظيمات الجماهيرية والفئوية بالحركة الشعبية بأن الانفصال قادم ولن نعطي الشمال «جالون بنزين واحد» بالمتطرفة، واعترافه بأن المتطرفين موجودون في الجنوب والشمال، ولكن العقلاء موجودون في الشمال والجنوب وما زالت هنالك فرصة للحل والبعد عن مستنقع الانفصال. نقلا عن صحيفة الرأي العام السودانية 27/5/2010م