قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية الذي زار الخرطوم مؤخراً (جون هولمز) ان الوضع الغذائي بالجنوب خطير! وقال هولمز أن الاوضاع الإنسانية هناك بالغة السوء مشيراً الى أن سوء التغذية وسط الأطفال بلغ 15% بولاية واراب مطالباً بإعلان حالة طوارئ وكان الأمر الملفت في تصريحات هولمز قوله بالحرف (ان الجيش الشعبي متورط في اعاقة العمل الإنساني) وحدّد حوالي (17) منظمة إنسانية قال إن الجيش الشعبي يستهدفها ويستهدف العمال مطالباً حكومة الجنوب السيطرة على أفراد جيشها. ولعل الأمر المهم بالنسبة لنا فيما أورده الموظف الدولي عقب جولة له بالجنوب أنه وضع النقاط على الحروف بشأن القضية الإنسانية في الاقليم، فلو تغاضينا عن كل مسببات هذا الوضع وكون أن حكومة الجنوب ليس لديها عذر في أن يصل الاقليم الى هذه المرحلة المؤسفة لأنها ظلت تتسلم عائدات النفط بانتظام وباستمرار وبلغ مجموع ما تسلمته حتى الآن حوالي (7) مليار دولار لم يظهر لها أثر على الاقليم، ولو تغاضينا عن تجاهل حكومة الجنوب لأوضاعه وتركيزها فقط على قضايا تخصها هي وحدها كحركة شعبية فإن من الصعب أن نتغاضى عن قيام الجيش الشعبي بعرقلة العمل الإنساني، فالجيش الشعبي – في هذه الحالة – بمثابة عنصر مثبط للعملية الانسانية ومعرقل لها في الوقت الذي كان المطلوب منه – ولمصلحة الاقليم – أن يشكل دفاعاً بل وعنصراً مساعداً للعمليات الانسانية، وهذا بدوره يثير المخاوف الجدية مستقبلاً حين ينفصل الجنوب ويصبح دولة واحدة مستقلة، اذ من المؤكد أن الجيش الشعبي سوف يزيد من ممارساته السيئة في ظل غياب منظومة شرطية مسؤولة وتعمل وفقاً لآليات القانون فالجيش الشعبي في الوقت الراهن – وطوال الأعوام الخمس الماضية – ظل هو الممسك الوحيد بكافة جوانب العملية الأمنية في الجنوب وهذا ما جعله طرفاً في كافة الصراعات والمشاكل التي جرت في أنحاء الاقليم لأنه لا يتعامل وفقاً لتعامل الشرطة او الأجهزة الأمنية المحترفة وانما يتعامل وفقاً لما يقرره أي فرد وفقاً للظروف التي أمامه وبالطريقة التي تروق له. ويستشف من كل ذلك أن فصل الجنوب السوداني في ظل سيطرة الجيش الشعبي على مقاليد الامور سوف يعيق تماماً كل سبل الحياة في الاقليم فطالما أن هذا الجيش يعيق العمل الانساني فإنه لن يدع الحياة تمضي كما هو مطلوب وبالتالي فإن من المتوقع أن يهدد الجيش الشعبي استقرار الجنوب ويعيق كل الجهود الدولية الرامية لاصلاح الاحوال هناك فهل يقف المجتمع الدولي مكتوف اليدين وهو يرى الجيش الشعبي يعرقل الاوضاع في الجنوب؟