أصاب الحركة الشعبية قدر غير قليل من اليأس والإحباط بشأن إمكانية قضائها على تمرد الجنرال جورج أطور الذي يتحصن الآن – بحسب آخر الأخبار – في احدى مناطق جونقلي وفشلت قوات كبيرة من الجيش الشعبي – منذ أسابيع – في الوصول إليه والتعامل معه، قتلاً أو القاء القبض عليه حياً. ويقول أحد الضباط المنضوين تحت لواء أطور في جونقلي أن القوات التي دفعت بها قيادة الجيش الشعبي للقضاء على أطور أصابها الإعياء، ووجدت نفسها في خضم معركة صعبة ستكون هي الخاسرة فيها، وقد حاولت قيادة الجيش الشعبي ارسال تعزيزات أكبر للخلاص من تمرد الجنرال الذي بات يتسع في كل يوم ويكتسب قوة ومناصرين ولكن القيادة السياسية للحركة تخوفت – لأسباب أمسكت عنها – من أن تتسبب مواجهة كهذه في اكساب الجنرال أطور قوة وشعبية اضافية واصباغ الموقف بصبغة تلحق اضراراً بالجنوب كله كون أن الحكومة المنتخبة فيه بدأت أول أعمالها بعمل عسكري قابل للخسارة. وفي جوبا حيث مقر حكومة الجنوب حاولت (سودان سفاري) معرفة اتجاهات الرأي داخل قيادة الحركة حيال الجنرال المتمرد، هل هو اتجاه ذا صبغة عسكرية يستهدف القضاء على تمرده أم أن هنالك اتجاهاً نحو حل الأزمة سياسياً؟ غير أن الجميع استعصم بالصمت الذي يستشف منه (حيرة بالغة) تعانيها قيادة الحركة حيال كيفية تعاملها مع تمرد الجنرال أطور ويمكن القول على وجه الإجمال أن تمرد الجنرال أطور – وفقاً للمعطيات القائمة – يشير الى أزمة لابد من معالجتها سياسياً حتى ولو بثمن باهظ تدفعه الحركة الشعبية فالظروف الراهنة والمرحلة المقبلة (مرحلة الاستفتاء) لا تحتمل وجود مهدد ولكن لديه قضية على الاقل تستحق الجلوس والتفاوض، فالحركة الشعبية – ربما لسوء حظها – لم تكن تضع حسابات في أي يوم من الأيام لظهور تمرد عسكري داخلها كما لم تكن تتحسب وهي متجهة بقوة نحو فصل اقليمها لما يمكن أن يعرقل لها هذا الهدف، بل ان من أغرب مواقف الحركة الشعبية أنها لم تتوقع بروز معارضة مسلحة ضدها وظلت تعتقد أن كل ما تفعله هو الصواب وأن الجميع راضخ ومتجاوب كل التجاوب معها، وها هي الآن تقف حائرة حيال تمرد يصعب حسمه عسكرياً، وقد بدأ بالفعل يتسع ويتصاعد ويصعب في الوقت نفسه تجاهله، كما يصعب مجالسة المتمرد والاستجابة لمطالبه!!